ومحبة واختصاص إلى سائر الاحوال إلا ويصح أن يقال فيه : إنه منزلة ، ومن ادعى عرفا في بعض المنازل كمن ادعاه في غيره ، وكذلك لا عهد يشار إليه في منزلة من منازل هارون من موسى عليهالسلام دون غيرها ، فلا اختصاص بشئ من منازلة ليس في غيره (١) ، بل سائر منازله كالمعهود من جهة أنها معلومة بالادلة عليها ، وكل ما ذكرناه واضح لمن أنصف من نفسه.
طريقة اخرى من الاستدلال بالخبر على النص ، وهي أنه إذا ثبت كون هارون خليفة لموسى على امته في حياته ومفترض الطاعة عليهم وأن هذه المنزلة من جملة منازله ووجدنا النبي صلىاللهعليهوآله استثنى ما لم يرده من المنازل بعده بقوله : « إلا أنه لا نبي بعدي » دل هذا الاستثناء على أن مالم يستثنه حاصل لامير المؤمنين عليهالسلام بعده ، وإذا كان من جملة المنازل الخلافة في الحياة فتثبت بعده ، فقد صح وجه النص بالامامة.
فإن قال : ولم قلتم : إن الاستثناء في الخبر يدل على بقاء ما لم يستثن من المنازل وثبوته بعده؟ قيل له : بأن الاستثناء كما من شأنه إذا كان مطلقا أن يوجب مالم يستثن مطلقا كذلك من شأنه إذا قيد بحال أو وقت أن يوجب ثبوت ما لم يستثن في تلك الحال وفي ذلك الوقت ، لانه لا فرق بين أن يستثنى من الجملة في حال مخصوص ما لم تتضمنه الجملة في تلك الحال وبين أن يستثنى منها ما لم تتضمنه على وجه من الوجوه ، ألا ترى أن قول القائل « ضربت غلماني إلا زيدا في الدار وإلا زيدا فإني لم أضربه في الدار » يدل على أن ضربه غلمانه كان في الدار لموضع تعلق الاستثناء بها ، وأن الضرب لو لم يكن في الدار لكان تضمن الاستثناء لذكر الدار كتضمنه ذكر ما لا تشتمل عليه الجملة الاولى من بهيمة وغيرها ، وليس لاحد أن يقول ويتعلق بأن لفظ « بعدي » مستثنى بمشية الله (٢) ، ولا له أن يقول : من أين لكم ثبوت ما لم يدخل تحت الاستثناء من المنازل لانا قد دللنا على ذلك في الطريقة الاولى.
____________________
(١) الصحيح كما في المصدر : فلا اختصاص بشئ من منازله بعهد ليس في غيره.
(٢) كذا في النسخ وفيه سقط واضطراب ، والصحيح كما في المصدر : « وليس لاحد أن يقول ويتعلق بأن لفظ » بعدى « في الخبر لا يفيد حال الوفاة ، وأن المراد بها » بعد نبوتي « لان الجواب عن هذه الشبهة يأتى فيما بعد مستقصى بمشية الله » وأما جوابه فمذكور في جواب « إن