فإن قيل : لعل المعنى : بعد كوني نبيا لا بعد وفاتي قلنا : لا يخل ذلك بصحة تأويلنا ، لانا نعلم أن الذي أشاروا إليه من الاحوال (١) تشتمل على أحوال الحياة وأحوال الممات إلى قيام الساعة ، ويجب بظاهر الكلام وبما حكمنا به من مطابقة الاستثناء في الحال التي فيها المستثنى منه أن يجب لامير المؤمنين عليهالسلام الامامة في جميع الاحوال التي تعلق النفي بها ، فإن أخرجت دلالة شيئا من هذه الاحوال أخرجناه لها وأبقينا ما عداه لاقتضاء ظاهر الكلام له ، فكان ما طعن به مخالفونا إنما زاد قولنا صحة وتأكيدا ، انتهى كلامه قدس الله روحه ملخصا (٢) ، وقد أطنب رحمهالله بعد ذلك في رد الشبه والاشكالات الموردة على الاستدلالات بالخبر بما لا مزيد عليه ، فمن أراد الاطلاع عليها فليرجع إلى الكتاب.
ثم أقول : لا يخفى على منصف بعد الاطلاع على الاخبار التي أوردناها وما اشتملت عليه من القرائن الدالة على أن المراد بها ما ذكرناه على ما مر في كلام الفاضلين أن مدلول الخبر صريح في النص عليه عليهالسلام لا سيما وقد انضمت إليها قرائن اخر ، منها الحديث المشهور الدال على أنه يقع في هذه الامة كل ما وقع في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، ولم يقع في هذه الامة ما يشبه قصة هارون وعبادة العجل إلا بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله من غصب الخلافة وترك نصرة الوصي ، وقد ورد في روايات الفريقين أن أمير المؤمنين استقبل قبر الرسول ـ صلوات الله عليهما ـ عند ذلك وقال ما قاله هارون : « يا ابن ام إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلوني » ومنها ما ذكره جماعة من المخالفين أن وصاية موسى وخلافته انتهى إلى أولاد هارون ، فمن منازل هارون من موسى كون أولاده خليفة موسى ، فيلزم بمقتضى المنزلة أن يكون الحسنان عليهماالسلام المسميان باسمي ابني هارون باتفاق الخاص و العام خلفتيي الرسول ، فيلزم خلافة أبيهما لعدم القول بالفصل ، وممن ذكر ذلك محمد
____________________
قيل » وقد سبق في كلام الصدوق ايضا فراجعه وقد بسط الكلام في الشافى بعد ذلك بما لم ينقله المصنف ، ثم تعرض للاشكال وجوابه ، ولاجل هذا الفصل الطويل قال : لان الجواب عن هذه الشبهة يأتى فيما بعد.
(١) لم يتعرض المصنف إلى نقله ، راجع المصدر تجده هناك.
(٢) الشافى : ١٤٨ ـ ١٥٣.