الشهرستاني حيث قال في أثناء بيان أحوال اليهود : إن الامر كان مشتركا بين موسى عليهالسلام وبين أخيه هارون إذ قال : « وأشركه في أمري (١) » وكان هو الوصي ، فلما مات هارون في حياته (٢) انتقلت الوصاية إلى يوشع وديعة ليوصلها إلى شبير وشبر ابني هارون عليهمالسلام قرار ، وذلك أن الوصية والامامة بعضها مستقر وبعضها مستودع انتهى (٣).
مع أنك إذا رجعت إلى الاخبار الواردة في تسميتها وجدتها صريحة في عموم المنزلة لجميع الاحوال والاوصاف ومنها ما مر ، وسيأتي من الاخبار المتواترة الدالة بأجمعها على أنه(ص)كان بصدد تعيينه للخلافة وإظهار فضله لذلك في كل موطن ومقام ، إلى غير ذلك مما سيأتي في الابواب الآتية وسنشير إليها، وأقول بعد ذلك أيضا : إنا لو سلمنا للخصم جميع ما يناقشها فيه مع أنا قد أقمنا الدلائل على خلافها فلا يناقشها في أنه يدل على أنه عليهالسلام كان أخص الناس بالرسول وأحبهم إليه ولا يكون أحبهم إليه إلا لكونه أفضلهم كما مر بيانه في الابواب السابقة ، فتقديم غيره عليه مما لا يقبله العقل ويعده قبيحا ، وأي عقل يجوز كون صاحب المنزلة الهارونية مع ما انضم إليها من سائر المناقب العظيمة والفضائل الجليلة رعية وتابعا لمن ليس له إلا المثالب الفظيعة(٤)والمقابح الشنيعة؟!والحمدلله الذي أوضح الحق لطالبيه ولم يدع لاحد شبهة فيه*.
____________________
(١) سورة طه : ٣٢.
(٢) في المصدر في حال حياته.
(٣) الملل والنحل ٢ : ١١.
(٤) المثلبة : العيب. فظع الامر : اشتدت شناعنه وجاوز المقدار في ذلك.
* اقول والحق الصحيح الذى يظهر من تتبع الاخبار وشرح قصة موسى في سورة طه آية ٩ ـ ٩٩ ان النبوة الاصلية المستلزمة لنزول الوحى والتكليم والمعجزات انما كان لموسى عليهالسلام حيث كلمه الله وقال « اذهب إلى فرعون انه طغى قال رب اشرح لى صدرى ويسر لى امرى واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى واجعل لى وزيرا من أهلى هرون اخى اشدد به ازرى واشركه من امرى » فاستجاب الله دعاءه وجعل اخاه هرون وزيرا في تدبير امر الرسالة و شريكا في امر التبليغ والذهاب إلى فرعون فقال « اذهب انت واخوك بآياتي ولاتنيا في ذكرى اذهبا إلى فرعون انه طغى » فهرون انما هو نبى الله نيابة عن موسى عليهالسلام فانه كان يتعلم الوحى وحقائق التوراة من موسى ثم يوازره في تدبير الرسالة ويشاركه في التبليغ وهو خلقه ويمينه يشد أزره حيث يفتر. وكذلك كان منزلة على عليهالسلام من رسول الله فان النبوة الاصلية المساوقة لنزول القرآن وجبرئيل والتاييد بالمعجزات ودعوة الناس إلى ما يوحى اليه انما كان لرسول الله فقط واما على فهو وزيره في تدبير امر الرسالة وشريكه في امر التبليغ وهو خلفه ويمينه ـ