فقال سعد : بأبي أنت وامي يا رسول الله بينا أنا جالس على بابي وبحضرتي (١) نفر من أصحاب الانصار (٢) إذ تمادى رجلان من الانصار قددب في أحدهما النفاق (٣) ، فكرهت أن أدخل بينهما مخافة أن يزداد شرهما ، وأردت أن يتكافا فلم يتكافا (٤) ، وتماديا في شرهما حتى انتهيا (٥) إلى أن جرد كل واحد منهما السيف على صاحبه ، فأخذ هذا سيفه وترسه وهذا سيفه وترسه (٦) وتجادلا وتضاربا ، فجعل كل واحد منهما (٧) يتقي سيف صاحبه بدرقته ، (٨) وكرهت أن أدخل بينهما مخافة أن تمتد إلي يد خاطئة ، وقلت في نفسي : اللهم انصر أحبهما لنبيك وآله.
فمازالا يتجاولان لا يتمكن (٩) واحد منهما من الآخر إلى أن اطلع علينا أخوك علي بن أبي طالب عليهالسلام فصحت بهما : هذا علي بن أبي طالب لم تواقراه؟ فواقراه وتكافا ، وهذا أخو رسول الله وأفضل آل محمد ، فأما أحدهما فإنه لما سمع مقالتي رمى بسيفه ودرقته من يده ، وأما الآخر فلم يحفل (١٠) بذلك ، فتمكن لاستسلام صاحبه منه ، فقطعه بسيفه قطعا أصابه بنيف وعشرين ضربة ، فغضبت عليه ووجدت من ذلك وجدا (١١) شديدا ، وقلت له : يا عبدالله بئس العبد أنت لم توقر أخا رسول الله وأثخنت بالجراح (١٢) من وقره ، وقد كان لك قرنا كفيا بدفاعك عن نفسه ، وما تمكنت منه إلا بتوقيره أخا رسول الله صلىاللهعليهوآله.
____________________
(١) في المصدر : ويحضرنى.
(٢) وفى ( د ) من أصحابى الانصار. وفى المصدر : من الاصحاب خ ل.
(٣) تمادى في غيه : دام على فعله ولج. دب : سرى وجرى. وفى المصدر : فرأيت في أحدهما النفاق.
(٤) أى أدرت ان يكف كل منهما عن الاخر فلم يكف.
(٥) في المصدر : حتى تواتيا.
(٦) الترس ـ بضم التاء ـ : صفحة من الفولاد تحمل للوقاية من السيف ونحوه.
(٧) في المصدر فيجعل كل منهما.
(٨) الدرقة ـ بالفتحات ـ : الترس.
(٩) في المصدر : فمازالا يتجاولان ولا يتمكن اه.
(١٠) أي ما بالى به ولا اهتم له.
(١١) الوجد : الغضب.
(١٢) أثخنته الجراح : أوهنته وأضعفته.