فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فما الذي صنع علي بن أبي طالب لما كف صاحبك وتعدى عليه الآخر؟ قال : جعل ينظر إليه وهو يضرب (١) بسيفه لا يقول شيئا ولا يفعله (٢) ، ثم جاز وتركهما ، وإن ذلك المضروب لعله بآخر رمق.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا سعد لعلك ظننت (٣) أن ذلك الباغي المتعدي ظافر ، إنه ما ظفر ، يغنم من ظفر بظلم؟! (٤) ، إن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من دنياه ، إنه لا يحصد من المر حلو ولا من الحلو مر ، وأما غضبك لذلك المظلوم على ذلك الظالم فغضب الله عليه (٥) أشد من ذلك وغضب الملائكة على ذلك الظالم لذلك المظلوم ، وأما كف علي بن أبي طالب عن نصرة ذلك المظلوم فإن ذلك لما أراد الله من إظهار آيات محمد في ذلك ، لا احدثك يا سعد بما قال الله وقالته الملائكة لذلك الظالم ولذلك المظلوم ولك حتى تأتيني بالرجل المثخن فترى فيه آيات الله المصدقة لمحمد صلىاللهعليهوآله ، فقال سعد : يا رسول الله وكيف آتي به وعنقه متعلقة (٦) بجلدة رقيقة ، ويده ورجله كذلك ، وإن حركته تميزت أعضاؤه وتفاصلت؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا سعد إن الذي ينشئ السحاب ولا شئ منه حتى يتكاثف ويطبق أكناف السماء وآفاقها ثم يلاشيه من بعد حتى يضمحل فلا ترى منه شيئا لقادر وإن تميزت تلك الاعضاء أن يؤلفها من بعد كما ألفها إذا لم تكن شيئا ، قال سعد : صدقت يا رسول الله ، وذهب فجاء بالرجل ووضعه بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو بآخر رمق ، فلما وضعه انفصل رأسه عن كتفه ويده عن زنده وفخذ عن أصله ، فوضع رسول الله صلىاللهعليهوآله الرأس في موضعه واليد والرجل في موضعهما ، ثم تفل على
____________________
(١) في المصدر : وهو يضربه.
(٢) كذا في النسخ ، وفى المصدر : ولا يمنعه خ ل.
(٣) في المصدر : لعلك تقدر.
(٤) كذا في النسخ والمصدر ، ولابد لتصحيح المعنى أن يقرأ « ظفر » على المجهول ، ولعله كان في الاصل « ما يغنم من ظفر بظلم » كما هو مقتضى سياق العبارة فتأمل.
(٥) في المصدر : فغضب الله له عليه.
(٦) في المصدر : معلقة.