ثم انطلق أمير المؤمنين عليهالسلام فصلى بالناس الصبح ، فلما طلعت الشمس أتاني وقال : افتح برك على بركة الله تعالى وسعر طعامك (١) ، ففعلت ، ثم قال : اختر مني خصلة من خصلتين : إما أن أبيع أنا وتستوفي أنت الثمن أو تبيع أنت وأستوفي أنا لك الثمن ، فقلت : بل أبيع أنا وتستوفي أنت الثمن ، فقال : افعل ، فلما فرغت من بيعي سلم إلي الثمن وقال لي : لك حاجة؟ فقلت : نعم أريد أدخل السوق في شراء حوائج ، قال : فانطلق حتى أعينك فإنك ذمي ، فلم يزل معي حتى فرغت من حوائجي ، ثم ودعني ، فقلت عند الفراغ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأشهد أنك عالم هذه الامة وخليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله على الجن والانس ، فجزاك الله عن الاسلام خير الجزاء ، ثم انطلقت إلى ضيعتي فأقمت بها شهورا ونحو ذلك ، فاشتقت إلى رؤيته فقدمت وسألت عنه فقيل : قد قتل أمير المؤمنين عليهالسلام فاسترجعت وصليت عليه صلاة كثيرة وقلت عند فراقي : ذهب العلم ، وكان أول عدل رأيته منه تلك الليلة وآخر عدل رأيته منه في ذلك اليوم ، فمالي لا أبكي؟ وكان هذا من دلائله عليهالسلام (٢).
٢٧ ـ ختص : القاسم بن محمد الهمداني ، عن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الكوفي ، عن أبي الحسين يحيى بن محمد الفارسي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام قال : خرجت ذات يوم إلى ظهر الكوفة وبين يدي قنبر ، فقلت له : ياقنبر ترى ما أرى؟ فقال : قد ضوأ الله لك يا أمير المؤمنين عما عمي عنه بصري ، فقلت : يا أصحابنا ترون ما أرى؟ فقالوا : لا قد ضوأ الله لك يا أمير المؤمنين عما عمي عنه أبصارنا ، فقلت والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لترونه كما أراه ولتسمعن كلامه كما أسمع ، فما لبثنا أن طلع شيخ عظيم الهامة مديد القامة له عينان بالطول ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ،
____________________
(١) في المصدر : وسائر طعامك.
(٢) الارشاد للديلمي ٢ : ٨٦ ٨٩.