عليه (١) بعد وفاته! وجعل عبدالله بن أبي يصغى إلى مقالتهم فيغضب تارة ويسكن أخرى ، فيقول لهم : إن محمدا صلىاللهعليهوآله لمتأله فإياكم ومكاشفته ، فإن من كاشف المتأله انقلب خاسئا حسيرا وتنقص عليه عيشه ، وإن الفطن اللبيب من تجرع على الغصة لينتهز الفرصة ، فبيناهم كذلك إذ طلع عليهم رجل من المؤمنين يقال له زيد بن أرقم ، فقال لهم : ياأعداء الله أبالله تكذبون وعلى رسوله تطعنون والله ودينه تكيدون (٢)؟ لاخبرن رسول الله صلىاللهعليهوآله بكم ، فقال عبدالله بن أبي والجماعة : والله لان أخبرته بنا لنكذبنك ولنحلفن له ، فإنه إذا يصدقنا ، ثم والله لنقيمن (٣) من يشهد عليك عنده بما يوجب قتلك أو قطعك أو حدك! قال : فأتى زيد رسول الله ص فأسر إليه ما كان من عبدالله بن أبي وأصحابه ، فأنزل الله تعالى « ولا تطع الكافرين (٤) » المجاهدين لك يا محمد فيما تدعوهم إليه من الايمان بالله والمولاة لك ولاوليائك والمعاداة لاعدائك « والمنافقين » الذين يطيعونك في الظاهر ويخالفونك في الباطن « ودع أذاهم » وما يكون منهم من القول السيئ فيك وفي ذويك « وتوكل على الله » في تمام أمرك (٥) وإقامة حجتك ، فإن المؤمن هو الظاهر وإن غلب في الدنيا ، لان العاقبة له ، لان غرض المؤمنين في كدحهم في الدنيا إنما هو الوصول إلى نعيم الابد في الجنة وذلك حاصل لك ولآلك وأصحابك وشيعتهم.
ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يلتفت إلى مابلغه عنهم وأمر الرجل (٦) زيدا فقال له : إن أردت ألا يصيبك شرهم ولاينالك مكروههم (٧) فقل إذا أصبحت : « أعوذ بالله من الشيطان الرجيم » فإن الله يعيذك من شرهم ، فإنهم شياطين يوحي بعضهم إلى
____________________
(١) تأبى الشئ : لم يرضه. وفي المصدر : لتأبين.
(٢) كذا في النسخ ، وفي المصدر : وعلى دينه تكيدون؟.
(٣) في المصدر : لنقيمن عليك.
(٤) سورة الاحزاب : ٤٨.
(٥) في المصدر : في إتمام أمرك.
(٦) ليست كلمة « الرجل » في المصدر.
(٧) في المصدر : مكرهم.