فغره وظنني اوتغ ديني (١) وأتبع ما أسره أحميت له حديدة لينزجر إذلا يستطيع مسها ولا يصبر ، ثم أدنيتها من جسمه ، فضج من ألمه ضجيج دنف يئن من سقمه وكاد يسبني سفها من كظمه ولحرقه في لظى ادني له من عدمه ، فقلت له : ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من أذى ولا أئن من لظى (٢)؟
وعن أم عثمان أم ولد علي قالت : جئت عليا وبين يديه قرنفل مكتوب (٣) في الرحبة ، فقلت : يا أمير المؤمنين هب لابنتي من هذا القرنفل قلادة ، فقال : هاك ذا. ونفذ بيده إلي درهما ـ فإنما هذا للمسلمين أولا ، فاصبري حتى يأتينا حظنا منه ، فنهب لابنتك قلادة.
وسأله عبدالله بن زمعة مالا فقال : إن هذا المال ليس لي ولا لك ، وإنما هو فئ للمسلمين وجلب أسيافهم ، فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل حظهم ، و إلا فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم.
وجاء إليه عاصم بن ميثم وهو يقسم مالا ، فقال : يا أمير المؤمنين إني شيخ كبير مثقل ، قال : والله ما هو بكد يدي ولا بتراثي عن والدي ، ولكنها أمانة أو عيتها ثم قال : رحم الله من أعان شيخا كبيرا مثقلا.
تاريخ الطبري وفضائل أمير المؤمنين عليهالسلام عن ابن مردويه أنه لما أقبل من اليمن يعجل (٤) إلى النبي صلىاللهعليهوآله واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي عليهالسلام فلما دنا جيشه خرج علي عليهالسلام ليتلقاهم فإذا هم عليهم الحلل! فقال : ويلك ما
____________________
(١) أوتغ دينه : أفسده.
(٢) الخطبة في نهج البلاغة مع اختلافات ، راجع ج ١ : ٤٧٩ و ٤٨٠.
(٣) القرنفل : ثمر شجرة كاليا سمين. نبات بستانى طيب الرائحة. واكتتب القربة ونحوها : خرزها بسيرين. والظاهر أن نساء العرب كانت تتزين به. وفي ( ك ) « مكتوب » ويأتي معناه في البيان.
(٤) في المصدر : تعجل.