فألقاه إلى الارض ، وهو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيام خلافته (١) بعد عجز الجيش كله عنها ، فأنبط (٢) الماء من تحتها.
وأما السخاء والجود فحاله فيه ظاهرة ، كان يصوم ويطوي ويؤثر بزاده ، و فيه انزل « ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا (٣) » وروى المفسرون أنه لم يكن يملك إلا أربعة دراهم ، فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية ، فانزل فيه « الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية (٤) » وروي عنه أنه كان يستقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة حتى مجلت يده ، ويتصدق بالاجرة و يشد على بطنه حجرا ، وقال الشعبي وقد ذكره عليهالسلام : كان أسخى الناس ، كان على الخلق الذي يحب الله (٥) السخاء والجود؟ ما قال « لا » لسائل قط ، وقال عدوه ومبغضه الذي يجتهد في وصمه وعيبه معاوية بن أبي سفيان لمحفن بن أبي محفن الضبي لما قال : جئتك من عند أبخل الناس : ويحك كيف تقول إنه أبخل الناس ولوملك (٦) بيتا من تبر وبيتا من تبن لانفد تبره قبل تبنه؟ وهو الذي كان يكنس بيوت الاموال ويصلي فيها ، وهو الذي قال : يا صفراء ويا بيضاء غري غيري ، و هو الذي لم يخلف ميراثا وكانت الدنيا كلها بيده إلا ما كان من الشام.
وأما الحلم والصفح فكان أحلم الناس من ذنب (٧) وأصفحهم عن مسئ ، و قد ظهرت صحة ما قلناه يوم الجمل حيث ظفر بمروان بن الحكم ، وكان أعدى الناس له وأشدهم بغضا ، فصفح عنه ، وكان عبدالله بن الزبير يشتمه على رؤوس
____________________
(١) في المصدر : في ايام خلافته بيده بعد اه.
(٢) انبط البئر : استخرج ماءها.
(٣) سورة الانسان : ٨ و ٩.
(٤) البقرة : ٢٧٤.
(٥) في المصدر : يحبه الله.
(٦) في المصدر : وهو الذي لو ملك
(٧) عن مذنب.