من أن أبذلك (١) لهذا الكافر ولكن اشفع لي إلى من لا يردك عن طلبه ، فلو أردت جميع جوانب العالم أن يصيرها (٢) كأطراف السفرة لفعل ، فاسأله أن يعينني على أداء دينه ويغنيني عن الاستدانة ، فقلت : اللهم افعل ذلك به ثم قلت له : اضرب إلى مابين يديك من شئ حجرا أو مدرا ، فإن الله يقلبه لك ذهبا إبريزا ، فضرب يده فتناول حجرا فيه أمنان ، فتحول في يده ذهبا ، ثم أقبل على اليهودي فقال : وكم دينك؟ قال : ثلاثون درهما ، قال : فكم قيمتها من الذهب؟ قال : ثلاثة دنانير ، فقال عمار : اللهم بجاه من بجاهه قلبت هذا الحجر ذهبا لين لي هذا الذهب لافضل قدر حقه ، فألانه الله عزوجل له ، ففصل له ثلاثة مثاقيل وأعطاه ، ثم جعل ينظر إليه وقال : اللهم إني سمعتك تقول : « إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى (٣) » ولا اريد غنى يطغيني ، اللهم فأعد هذا الذهب حجرا بجاه من بجاهه جعلته ذهبا بعد أن كان حجرا ، فعاد حجرا فرماه من يده وقال : حسبي من الدنيا والآخرة موالاتي لك يا أخا رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله تعجبت ملائكة السماوات من فعله ، وعجت إلى الله تعالى بالثناء عليه ، فصلوات الله من فوق عرضه يتوالى عليه ، فأبشريا أبا اليقظان فإنك أخو علي في ديانته ، ومن أفاضل أهل ولايته ، ومن المقتولين في محبته ، تقتلك الفئة الباغية ، وآخر زادك من الدنيا صاع من لبن ، ويلحق روحك بأرواح محمد وآله الفاضلين ، فأنت من خيار شيعتي.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فأيكم أدى زكاته اليوم؟ قال علي عليهالسلام : أنا يا رسول الله ، فأسر المنافقون في اخريات المجلس بعضهم إلى بعض يقولون : وأي مال لعلي حتى يؤدي منه الزكاة؟! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أتدري ما يسر هؤلاء المنافقون في آخريات المجلس؟ قال علي عليهالسلام : بلى ، قد أوصل الله تعالى إلى اذني مقالتهم يقولون : وأي مال لعلي حتى يؤدي زكاته؟ كل مال يغنم من يومنا هذا إلى
____________________
(١) في المصدر : من أن أذلك.
(٢) أى أن يصيرها الله.
(٣) سورة العلق : ٦ و ٧.