هو يريد موضعا له كان يأوي فيه بالليل ، وأنا معه حتى أتى الموضع ، فنزل عن بغلته ، ورفعت عن اذينها (١) وجذبتني ، فحس بذلك أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : ما وراءك؟ فقلت : فداك أبي وامي البغلة تنظر شيئا وقد شخصت إليه وتحمحم ولا أدري ماذا دهاها (٢) ، فنظر أميرالمؤمنين إلى سواد فقال : سبع ورب الكعبة فقام من محرابه متقلدا سيفه فجعل يخطو ، ثم قال : صاح (٣) به « قف » فخف السبع ووقف ، فعندها استقرت البغلة ، فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام : يا ليث أما علمت أني الليث وأني الضرغام والقسور والحيدر؟ ثم قال : ما جاء بك أيها الليث؟ ثم قال : اللهم أنطق لسانه ، فقال السبع : يا أميرالمؤمنين ويا خير الوصيين ويا وارث علم النبيين ويا مفرق! بين الحق والباطل ما افترست منذ سبع شيئا ، وقد أضر بي الجوع ، ورأيتكم من مسافة فرسخين فدنوت منكم وقلت : أذهب وأنظر ما هؤلاء القوم ومن هم ، فإن كان بهم لي مقدرة ويكون لي فيهم فريسة ، فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام مجيبا له : أيها الليث أما علمت أني علي أبوالاشبال الاحد العشر ، براثني أمثل من مخالبك ، وإن أحببت أريتك ، ثم امتد السبع بين يديه وجعل يمسح يده على هامته ويقول : ما جاء بك يا ليث؟ أنت كلب الله في أرضه ، قال : يا أميرالمؤمنين الجوع الجوع ، قال : فقال : اللهم إنه يرزق بقدر (٤) محمد وأهل بيته ، قال : فالتفت فاذا بالاسد (٥) يأكل شيئا كهيئة الجمل حتى أتى عليه ، ثم قال : يا أمير المؤمنين والله مانأكل نحن معاشر السباع رجلا يحبك ويحب عترتك ، فإن خالي أكل فلانا ، ونحن أهل بيت ننتحل محبة الهاشمي وعترته ، ثم قال أميرالمؤمنين عليهالسلام أيها السبع أين تأوي وأين تكون؟ فقال : يا أميرالمؤمنين إني مسلط على كلاب
____________________
(١) في المصدر : وحمحمت البغلة ورفعت اذنيها. وحمحم الفرس : ردد صوته.
(٢) أي لا اعلم ماذا اصابه بداهية. وهي الامر المنكر.
(٣) في المصدر : ثم قال صائحا به.
(٤) الباء للقسم أي بحق قدر محمد واهل بيته ، وفي المصدر : اللهم ارزقه برزق بقدر محمد وأهل بيته.
(٥) في المصدر : فاذا أنا بالاسد.