بحجته (١) ويكفيه بمهجته.
ونظر علي عليهالسلام إلى امرأة على كتفها قربة ماء ، فأخذ منها القربة فحملها إلى موضعها ، وسألها عن حالها فقالت : بعث علي بن أبي طالب صاحبي إلى بعض الثغور فقتل ، وترك علي صبيانا يتامى ، وليس عندي شئ ، فقد ألجأتني الضرورة إلى خدمة الناس ، فانصرف وبات ليلته قلقا ، فلما أصبح حمل زنبيلا فيه طعام ، فقال بعضهم : أعطنني أحمله عنك ، فقال : من يحمل وزري عني يوم القيامة؟ فأتى وقرع الباب ، فقالت : من هذا؟ قال : أنا ذلك العبد الذي حمل معك القربة ، فافتحي فإن معي شيئا للصبيان ، فقالت : رضي الله عنك وحكم بيني وبين علي بن أبي طالب ، فدخل وقال : إني أحببت اكتساب الثواب ، فاختاري بين أن تعجنين وتخبزين وبين أن تعللين الصبيان لاخبز أنا ، فقالت : أنا بالخبز أبصر وعليه أقدر ، ولكن شأنك والصبيان ، فعللهم حتى أفرغ من الخبز ، قال (٢) : فعمدت إلى الدقيق فعجنته ، وعمد علي عليهالسلام إلى اللحم فطبخه ، وجعل يلقم الصبيان من اللحم والتمر وغيره ، فكلما ناول الصبيان من ذلك شيئا قال له : يا بني اجعل علي بن أبي طالب في حل مما أمر في أمرك (٣) ، فلما اختمر العجين قالت : يا عبدالله اسجر التنور فبادر لسجره فلما أشعله ولفح في وجهه جعل يقول : ذق يا علي هذا جزاء من ضيع الارامل واليتامى ، فرأته امرأة تعرفه فقالت : ويحك هذا أمير المؤمنين ، قال : فبادرت المرأة وهي تقول : واحيائي منك يا أمير المؤمنين ، فقال : بل واحيائي منك يا أمة الله فيما قصرت في أمرك (٤).
٤ ـ قب : سئل عليهالسلام عن رجل فقال : توفي البارحة فلما رأى جزع السائل
____________________
(١) في المصدر : ويكلؤه بحجته.
(٢) كذا في النسخ وهو سهو ، والصحيح « قالت ».
(٣) في المصدر : مما مر في أمرك.
(٤) مناقب آل ابى طالب ١ : ٣١٧ ـ ٣١٩.