« إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي » أيها المؤمنون « تسرون إليهم بالمودة » تخفون إليهم بالكتاب بخبر النبي صلىاللهعليهوآله وتتخذون عندهم النصيحة و « أنا أعلم بما أخفيتم » من إخفاء الكتاب الذي كان معها « وما أعلنتم » وما قاله أمير المؤمنين عليهالسلام للزبير : والله لا صدقت المرأة أن ليس معها كتاب بل الله أصدق ورسوله ، فأخذه منها ، ثم قال : « ومن يفعله منكم » عند أهل مكة بالكتاب « فقد ضل سواء السبيل ».
وقد اشتهر عنه عليهالسلام قوله : أنا فقأت عين الفتنة ، ولم يكن ليفقأها غيري.
وأخذ عليهالسلام رجلا من بني أسد في حد ، فاجتمعوا قومه ليكلموا فيه ، وطلبوا إلى الحسن عليهالسلام أن يصحبهم ، فقال : ائتوه فهو أعلى بكم عينا ، فدخلوا عليه وسألوه ، فقال : لا تسألوني شيئا أملكه إلا أعطيتكم ، فخرجوا يرون أنهم قد أنجحوا فسألهم الحسن عليهالسلام فقالوا : أتينا خير مأتي ، وحكوا له قوله ، فقال : ما كنتم فاعلين إذا جلد صاحبكم؟ فأصغوه ، فأخرجه علي عليهالسلام فحده ، ثم قال : هذا والله لست أملكه (١).
بيان : قال الجزري : فيه « أعلابهم عينا » أي أبصربهم وأعلم بحالهم (٢) ، وأصغى الشئ : نقصه.
٢ ـ قب : وبلغ معاوية أن النجاشي هجاه ، فدس قوما شهدوا عليه عند علي عليهالسلام أنه شرب الخمر ، فأخذه علي فحده ، فغضب جماعة على علي عليهالسلام في ذلك. منهم طارق بن عبدالله النهدي ، فقال : يا أمير المؤمنين ما كنا نرى أن أهل المعصية والطاعة وأهل الفرقة والجماعة عند ولاة العقل ومعادن الفضل سيان في الجزاء حتى ما كان من صنيعك بأخي الحارث ـ يعني النجاشي ـ فأوغرت صدرونا (٣) وشتت امورنا ، وحملتنا على الجادة التي كنا نرى أن سبيل من ركبها النار ،
____________________
(١) مناقب آل أبى طالب ١ : ٣٣٨.
(٢) النهاية ٣ : ١٢٦.
(٣) أوغر صدره : أوقده من الغيظ.