أمير المؤمنين عليهالسلام سلمها إليه ، ثم قال : يا أخي إذا [ أنا ] مت فغسلني وحنطني و كفني واحملني إلى جدي صلىاللهعليهوآله حتى تلحدني إلى جانبه ، فان منعت من ذلك فبحق جدك رسول الله وأبيك أمير المؤمنين وامك فاطمة الزهراء عليهمالسلام أن لا تخصام أحدا ، واردد جنازتي من فورك إلى البقيع حتى تدفني مع امي عليهاالسلام.
فلما فرغ من شأنه وحمله ليدفنه مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ركب مروان بن الحكم طريد رسول الله صلىاللهعليهوآله بغلة وأتى عائشة فقال لها : يا ام المؤمنين إن الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن مع رسول الله (ص) والله إن دفن معه ليذهبن فخر أبيك وصاحبه عمر إلى يوم القيامة قالت : فما أصنع يا مروان؟ قال : الحقي به وامنعيه من أن يدفن معه قال : وكيف الحقه؟ قال : اركبي بغلتي هذه.
فنزل عن بغلته وركبتها وكانت تؤز الناس وبني امية على الحسين عليهالسلام وتحرضهم على منعه مما هم به فلما قربت من قبر رسول الله (ص) وكان قد وصلت جنازة الحسن فرمت بنفسها عن البغلة وقالت : والله لا يدفن الحسن ههنا أبدا أو تجز هذه وأومت بيدها إلى شعرها فأراد بنو هاشم المجادلة فقال الحسين عليهالسلام : الله الله لا تضيعوا وصية أخي ، واعدلوا به إلى البقيع فانه أقسم علي إن أنا منعت من دفنه مع جده (ص) أن لا اخاصم فيه أحدا وأن أدفنه بالبقيع مع امه عليهاالسلام فعدلوا به ودفنوه بالبقيع معها عليهاالسلام.
فقام ابن عباس رضياللهعنه وقال : يا حميراء ليس يومنا منك بواحد ، يوم على الجمل ويوم على البغلة ، أما كفاك أن يقال « يوم الجمل » حتى يقال « يوم البغل » يوم على هذا ويوم على هذا ، بارزة عن حجاب رسول الله (ص) تريدين إطفاء نور الله والله متم نوره ولو كره المشركون إنا لله وإنا إليه راجعون فقالت له : إليك عني واف لك ولقومك.
وروي أن الحسن عليهالسلام فارق الدنيا وله تسع وأربعون سنة وشهرا أقام مع رسول الله صلىاللهعليهوآله سبع سنين وستة أشهر ، وباقي عمره مع أمير المؤمنين (١).
____________________
(١) بل عاش مع أبيه ثلاثين وبعده أيام معاوية عشر سنين كما مر تحت الرقم ٢.