مبادرة على بغل بسرج ، فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا ، فوقفت فقالت : نحوا ابنكم عن بيتي ، فانه لا يدفن فيه شئ ، ولا يهتك على رسول الله صلىاللهعليهوآله حجابه.
فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما : قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله (ص) قربه ، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة ، إن أخي أمرني أن اقربه من أبيه رسول الله صلىاللهعليهوآله ليحدث به عهدا.
واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله ، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله صلىاللهعليهوآله ستره لان الله تبارك وتعالى يقول : « يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم » (١) وقد أدخلت أنت بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله الرجال بغير إذنه ، وقد قال الله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي » (٢) ولعمري لقد ضربت أنت لابيك وفاروقه عند اذن رسول الله صلىاللهعليهوآله المعاول ، وقال الله عزوجل : « إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى » (٣). ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلىاللهعليهوآله بقربهما منه الاذى ، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله (ص) إن الله حرم على المؤمنين أمواتا ماحرم منهم أحياء.
وتالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه صلوات الله عليهما جائزا فيما بيننا وبين الله ، لعلمت أنه سيدفن وإن رغم معطسك.
قال : ثم تكلم محمد ابن الحنفية وقال يا عائشة : يوما على بغل ، ويوما على جمل فما تملكين نفسك ولا تملكين الارض عداوة لبني هاشم ، قال : فأقبلت عليه فقالت : يا ابن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلمون فما كلامك؟ فقال لها الحسين : وأنى تبعدين
____________________
(١) الاحزاب : ٥٣.
(٢ و ٣) الحجرات : ٢ و ٣.