على متابعة الامام والتعلم منه ، وتعليم الغير ، قوله عليهالسلام « فان ضوء النهار » أي لا تستنكفوا عن التعلم وإن كنتم علماء فان فوق كل ذي علم عليم ، أو عن تفضيل بعض الاخوة على بعض.
والحاصل أنه قد استقر في نفوس الجهلة بسبب الحسد أن المتشعبين من أصل واحد في الفضل سواء ، ولذا يستنكف بعض الاخوة والاقارب عن متابعة بعضهم وكان الكفار يقولوه للانبياء : « ما أنتم إلا بشر مثلنا » (١) فأزال عليهالسلام تلك الشبهة بالتشبيه بضوء النهار في ساعاته المختلفة فان كله من الشمس ، لكن بعضه أضوء من بعض كأول الفجر ، وبعد طلوع الشمس ، وبعد الزوال وهكذا ، فباختلاف الاستعداد والقابليات تختلف إفاضة الانوار على المواد.
وقوله : « أما علمت أن الله » تمثيل لما ذكر سابقا وتأكيد له ، وقوله : « فجعل ولد إبراهيم أئمة » إشارة إلى قوله تعالى : « ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا » (٢) وقوله « وفضل » الخ إشارة إلى قوله سبحانه « وفضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا » (٣).
« وقد علمت بما استأثر » أي علمت بأي جهة استأثر الله محمدا أي فضله ، إنما كان لوفور علمه ، ومكارم أخلاقه ، لا بنسبه وحسبه ، وأنت تعلم أن الحسين أفضل منك بجميع هذه الجهات ، ويحتمل أن تكون « ما » مصدرية والباء لتقوية التعدية أي علمت استيثار الله إياه. قوله « إني لا أخاف » فيما عندنا من نسخ الكافي « إني أخاف » ولعل ما هنا أظهر.
قوله عليهالسلام : « ولم يجعل الله » الظاهر أن المراد قطع عذره في ترك ذلك ، أي ليس للشيطان عليك سلطان يجبرك على الانكار ، ولا ينافي ذلك قوله تعالى « إنما سلطانه على الذين يتولونه » (٤) لان ذلك بجعل أنفسهم لا بجعل الله ، أو السلطان في الآية محمول على ما لا يتحقق معه الجبر ، أو المعنى أنك من عباد الله الصالحين
____________________
(١) يس : ١٥.
(٢) الانبياء : ٧٣.
(٣) اسرى : ٥٥.
(٤) النحل : ١٠٠.