محتب (١) في فناء داره فقال له : السلام عليك يا مذل المؤمنين فقال له الحسن : انزل ولا تعجل ، فنزل فعقل راحلته في الدار ، وأقبل يمشي حتى انتهى إليه قال فقال له الحسن : ما قلت؟ قال : قلت : السلام عليك يا مذل المؤمنين ، قال وما علمك بذلك؟ قال : عمدت إلى أمر الامة ، فخلعته من عنقك ، وقلدته هذا الطاغية ، يحكم بغير ما أنزل الله ، قال : فقال له الحسن عليهالسلام : سأخبرك لم فعلت ذلك.
قال : سمعت أبي عليهالسلام يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لن تذهب الايام والليالي حتى يلي أمر هذه الامة رجل واسع البلعوم ، رحب الصدر (٢) يأكل ولا يشبع وهو معاوية ، فلذلك فعلت.
ما جاء بك؟ قال : حبك ، قال : الله؟ قال : الله ، فقال الحسن عليهالسلام : والله لا يحبنا عبد أبدا ولو كان أسيرا في الديلم إلا نفعه حبنا ، وإن حبنا ليساقط الذنوب من بني آدم كما يساقط الريح الورق من الشجر.
ختص : جعفر بن الحسين المؤمن وجماعة مشايخنا عن محمد بن الحسين بن
____________________
ويحك أيها الخارجى! انى رأيت أهل الكوفة قوما لا يوثق بهم ، وما اغتربهم الا من ذل ، ليس [ راى ] أحد منهم يوافق رأى الاخر ، ولقد لقى أبي منهم امورا صبعة وشدائد مرة ، وهى أسرع البلاد خرابا ، وأهلها هم الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا.
وفى رواية : ان الخارجي لما قال له : يا مذل المؤمنين! قال : ما اذللتهم ، ولكن كرهت أن أفنيهم واستأصل شافتهم لاجل الدنيا.
والظاهر أن الرجل كان مع محبته لاهل البيت خصوصا الحسن السبط ، على رأى الخوارج ، ولذلك عنفه وعابه بمصالحته مع معاوية ، فتحرر.
(١) أى كان محتبيا : جمع بين ظهره وساقيه بيديه أو بازاره.
(٢) رحب الصدر : اي واسع الصدر ، وانما يريد به معناه اللغوي ، لا الكنائي الذي هو مدح ، وسيجئ القصة عن ابن ابي الحديد نقلا عن مقاتل أبى الفرج ، وفيه بدل « رحب الصدر » : « واسع السرم » والسرم : هو مخرج الثقل وهو طرف المعى المستقيم وهو المناسب المقابل لقوله « واسع البلعوم ».