اعلم أني سافرت مع أبيك سعد إلى الشام فانقطعت بي مطيتي عن أصحابي وتهت وعطشت ، فلاح لي دير راهب فملت إليه ، ونزلت عن فرسي ، وأتيت إلى باب الدى لاشرب ماء فأشرف علي راهب من ذلك الدير وقال : ماتريد؟ فقلت له إني عطشان ، فقال لي : أنت من امة هذا النبي الذين يقتل بعضهم بعضا على حب الدنيا مكالبة : ويتنافسون فيها على حطامها؟ فقلت له : أنا من الامة المرحومة امة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال إنك أشر امة فالويل لكم يوم القيامة وقد غدوتم إلى عترة نبيكم وتسبون نساءه وتنهبون أمواله ، فقلت له : يا راهب نحن نفعل ذلك؟ قال نعم وإنك إذا فعلتم ذلك عجت السماوات والارضون : والبحار ، والجبال ، والبراري والقفار ، والوحوش ، والاطيار باللعنة على قاتله ، ثم لا يلبث قاتله في الدنيا إلا قليلا ، ثم يظهر رجل يطلب بثأره ، فلا يدع أحدا شرك في دمه إلا قتله وعجل الله بروحه إلى النار ،
ثم قال الراهب : إني لارى لك قرابة من قاتل هذا الابن الطيب ، والله إني لو أدركت أيامه لوقيته بنفسي من حر السيوف ، فقلت : يا راهب إني اعيذ نفسي أن أكون ممن يقاتل ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : إن لم تكن أنت فرجل قريب منك ، وإن قاتله عليه نصف عذاب أهل النار ، وإن عذابه أشد من عذاب فرعون وهامان ، ثم ردم الباب في وجهي ودخل يعبدالله تعالى ، وأبى أن أن يسقيني الماء.
قال كامل : فركبت فرسي ولحقت أصحابي ، فقال لي أبوك سعد : ما بطأك عنا يا كامل؟ فحدثته بما سمعته من الراهب ، فقال لي : صدقت.
ثم إن سعدا أخبرني أنه نزل بدير هذا الراهب مرة من قبلي فأخبره أنه هوالرجل الذي يقتل ابن بنت رسول الله ، فخاف أبوك سعد من ذلك وخشي أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه وأقصاك ، فاحذر يا عمر أن تخرج عليه ، يكون عليك نصف عذاب أهل النار ، قال : فبلغ الخبر ابن زياد لعنه الله ، فاستدعى بكامل وقطع لسانه