كذب معاوية وأتى بالمحال حتى ادعى عدم سماع ذلك ، قوله « أنه قاتل رايته » أي راية معاوية ، قوله « بأهدى من الاولى » أي هي مثل الاولى راية شرك في أنها راية شرك وكفر ، قوله « أو يكون أمره » حاصله أن هذا الكلام من النبي (ص) إما إخبار أو أمر في صورة الخبر ، وعلى ما ذكرت من كونهم على الحق يلزم على الاول كذب الرسول (ص) وعلى الثاني مخالفة أمير المؤمنين عليهالسلام لما أمره به الرسول صلىاللهعليهوآله.
أقول : قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : قال أبوالفرج الاصفهاني كتب الحسن عليهالسلام إلى معاوية مع جندب (١) بن عبدالله الازدي : من الحسن بن علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان سلام عليكم فاني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد فان الله عزوجل بعث محمدا صلىاللهعليهوآله رحمة للعالمين ، ومنة للمؤمنين توفاه الله غير مقصر ولاوان ، بعد أن أظهر الله به الحق ، ومحق به الشر ، وخص قريشا خاصة فقال له « وإنه لذكر لك ولقومك » (٢) فلما توفي تنازعت سلطانه العرب ، فقالت قريش ، : نحن قبيلته واسرته وأولياؤه ، ولا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد وحقه ، فرأت العرب أن القول ما قالت قريش ، وأن الحجة لهم في ذلك على من نازعهم أمر محمد صلىاللهعليهوآله ، فأنعمت لهم وسلمت إليهم.
ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب ، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها ، إنهم أخذوا هذا الامر دون العرب بالانصاف والاحتجاج ، فلما صرنا أهل بيت ممد وأولياؤه إلى محاجتهم ، وطلب النصف منهم ، باعدونا واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا ، فالموعد الله وهو المولي النصير.
ولقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الاسلام ، وأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والاحزاب في ذلك مغمزا يثلمونه به ، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من إفساده ، فاليوم فليتعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من
____________________
(١) في الاصل : حرب بن عبدالله ، وهو تصحيف.
(٢) الزخرف : ٤٤.