الله لخلقه ، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ، ولا مريدا له بسوء ولا غائلة ، ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة ، ألا وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لانفسكم ، فلا تخالفوا أمري ، ولا تردوا علي رأيي ، غفر الله لي ولكم ، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا.
قال : فنظر الناس بعضهم إلى بعض ، وقالوا : ما ترونه يريد بما قال؟ قالوا : نظنه والله يريد أن يصالح معاوية ، ويسلم الامر إليه ، فقالوا : كفر والله الرجل ثم شدوا على فسطاطه ، وانتهبوه ، حتى أخذوا مصلاه من تحته ، ثم شد عليه عبدالرحمان بن عبدالله بن جعال الازدي فنزع مطرفة عن عاتقه فبقي جالسا متقلدا بالسيف بغير رداء ، ثم دعا بفرسه وركبه وأحدق به طوائف من خاصته وشيعته ومنعوا منه من أراده ، فقال : ادعو الي ربيعة وهمدان ، فدعوا له فأطافوا به ، ودفعوا الناس عنه عليهالسلام وسار ومعه شوب من غيرهم.
فلما مر في مظلم ساباط ، بدر إليه رجل من بني أسد يقال له الجراح بن سنان ، وأخذ بلجام بغلته وبيده مغول وقال : ألله أكبر أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل ، ثم طعنه في فخذه فشقه حتى بلغ العظم ثم اعتنقه الحسن عليهالسلام وخرا جميعا إلى الارض فوثب إليه رجل من شيعة الحسن يقال له عبدالله بن خطل الطائي فانتزع المغول من يده ، وخضخض به جوفه ، فأكب عليه آخر يقال له : ظبيان بن عمارة فقطع أنفه فهلك من ذلك ، وأخذ آخر كان معه فقتل ، وحمل الحسن عليهالسلام على سرير إلى المدائن ، فانزل به على سعد بن مسعود الثقفي وكان عامل أمير المؤمنين عليهالسلام بها فأقره الحسن عليهالسلام على ذلك ، واشتغل الحسن عليهالسلام بنفسه يعالج جرحه.
وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى ماوية بالسمع والطاعة له في السر واستحثوه على السير نحوهم ، وضمنوا له تسليم الحسن عليهالسلام إليه عند دنوهم من عسكره أو الفتك به ، وبلغ الحسن عليهالسلام ذلك وورد عليه كتاب قيس بن سعد وكان قد أنفذه مع عبيد الله بن العباس عند مسيره من الكوفة ، ليلقى معاوية