ثم تكلم عمرو بن العاص ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إي يا ابن أبي تراب! بعثنا إليك لنقررك أن أباك سم أبا بكر الصديق ، واشترك في قتل عمر الفاروق ، وقتل عثمان ذا النورين مظلوما ، فادعى ما ليس له بحق ، ووقع فيه وذكر الفتنة وعيره بشأنها ثم قال :
إنكم يا بني عبدالمطلب! لم يكن الله ليعطيكم الملك فترتكبون فيه مالا يحل لكم ، ثم أنت يا حسن تحدث نفسك بأنك كائن أمير المؤمنين ، وليس عندك عقل ذلك ، ولا رأيه ، فكيف وقد سلبته ، وتركت أحمق في قريش وذلك لسوء عمل أبيك ، وإنما دعوناك لنسبك وأباك ، ثم أنت لا تستطيع أن تعتب علينا ، ولا أن تكذبنا في شئ به ، فان كنت ترى أنا كذبناك في شئ وتقولنا عليك بالباطل ، وادعينا خلاف الحق فتكلم ، وإلا فاعلم أنك وأباك من شر خلق الله.
أما أبوك فقد كفانا الله قتله وتفرد به ، وأما أنت فانك في أيدينا نتخير فيك ، والله أن لو قتلناك ، ما كان في قتلك إثم عند الله ، ولا عيب عند الناس.
ثم تكلم عتبة بن أبي سفيان ، فكان أول ما ابتدأ به أن قال : يا حسن إن أباك كان شر قريش لقريش : أقطعه لارحامها ، وأسفكه لدمائها ، وإنك لمن قتلة عثمان ، وإن في الحق أن نقتلك به ، وإن عليك القود في كتاب الله عزوجل وإنا قاتلوك به ، فأما أبوك فقد تفرد الله بقتله فكفاناه ، وأما رجاؤك للخلافة فلست منها لا في قدحة زندك ، ولا في رجحة ميزانك.
ثم تكلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط بنحو من كلام أصحابه ، وقال : يا معاشر بني هاشم كنتم أول من دب بعيب عثمان ، وجمع الناس عليه ، حتى قتلتموه حرصا على الملك ، وقطيعة للرحم ، واستهلاك الامة (١) وسفك دمائها ، حرصا على الملك ، وطلبا للدنيا الخسيسة وحبالها ، وكان عثمان خالكم فنعم الخال كان
____________________
(١) كذا في النسخ والمصدر ص ١٣٨ ، وقد صححه في الاصل المطبوع هكذا : « واستملاك الامة ». وليس بشيئ.