وذكر ملكه عشرين سنة ، قال : فجزعنا ، فقال : مالكم؟ إذا أراد الله عزوجل أن يهلك سلطان قوم أمر الملك فأسرع بالسير الفلك فقدر على ما يريد ، قال : فقلنا لزيد هذه المقالة ، فقال : إني شهدت هشاما ورسول الله يسب عنده فلم ينكر ذلك ولم يغيره ، فوالله لو لم يكن إلا أنا وابني لخرجت عليه (١).
بيان : يمكن أن يكون طي الفلك وسرعته في السير كناية عن تسبيب أسباب زوال ملكهم ، وأن يكون لكل ملك ودولة فلك غير الافلاك المعروفة السير ، ويكون الاسراع والابطاء في حركة ذلك الفلك ليوافق ما قدر لهم من عدد دوراته.
٨٥ ـ كا : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن محمد بن أورمة ، عن أحمد بن النضر ، عن النعمان بن بشير ، قال : كنت مزاملا لجابر بن يزيد الجعفي فلما أن كنا بالمدينة ، دخل على أبي جعفر عليهالسلام فودعه وخرج من عنده وهو مسرور ، حتى وردنا الاخيرجة (٢) أول منزل تعدل من فيه إلى المدينة يوم جمعة فصلينا الزوال ، فلما نض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم (٣) معه كتاب فناوله فقبله ووضعه على عينيه ، وإذا هو من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب ، فقال له : متى عهدك بسيدي؟ فقال : الساعة ، فقال له : قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ فقال : بعد الصلاة ، قال : ففك الخاتم وأقبل يقرأه و يقبض وجهه حتى أتى على آخره ، ثم أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكا ولا مسرورا حتى وافى الكوفة.
فلما وفينا الكوفة ليلا بت ليلتي ، فلما أصبحت أتيته إعظاما له ، فوجدته قد خرج علي وفي عنقه كعاب (٤) قد علقها وقد ركب قصبة وهو يقول أحد منصور
____________________
(١) الكافى ج ٨ ص ٣٩٤.
(٢) الاخيرجة : في مراصد الاطلاع ج ١ ص ٤٥٨ والخرجان ، تثنيه الخرج : من نواحى المدينة أقول : لعله هو المقصود في الرواية.
(٣) الادم : الاسمر.
(٤) الكعاب : جمع كب وهو كل مفصل للعظام ، والعظم الناشز فوق القدم. والناشزان من جانبيها ، والجمع اكعب وكعوب وكعاب « القاموس ».