فقال : نعم يا داود والله لا يملك بنو امية يوما إلا ملكتم مثليه ، ولاسنة إلا ملكتم مثليها ، ولتتلقفها الصبيان منكم ، كما تتلقف الصبيان الكرة ، فقام داود ابن علي من عند أبي جعفر عليهالسلام فرحا يريد أن يخبر أبا الدوانيق بذلك ، فلما نهضا جميعا هو وسليمان بن خالد ، ناداه أبوجعفر عليهالسلام من خلفه : يا سليمان بن خالد لايزال القوم في فسحة من ملكهم ، ما لم يصيبوا منا دما حراما ، وأو ما بيده إلى صدره ، فاذا أصابوا ذلك الدم فبطن الارض خير لهم من ظهرها ، فيومئذ لا يكون لهم في الارض ناصر ، ولافي السماء عاذر.
ثم انطلق سليمان بن خالد فأخبر أبا الدوانيق ، فجاء أبوالدوانيق إلى أبي جعفر عليهالسلام فسلم عليه ثم أخبره بما قال له داود بن علي وسليمان بن خالد فقال له : نعم يا أبا جعفر ، دولتكم قبل دولتنا ، وسلطانكم قبل سلطاننا ، سلطانكم شديد عسر لا يسر فيه ، ولد مدة طويلة ، والله لا يملك بنو امية يوما إلا ملكتم مثليه ولاسنة إلا ملكتم مثليها ، ولتتلقفها صبيان منكم فضلا عن رجالكم ، كما تتلقف الصبيان الكرة أفهمت؟ ثم قال : لا تزالون في عنفوان الملك ترغدون فيه ، مالم تصيبوا منا دما حراما ، فاذا أصبتم ذلك الدم غضب الله عزوجل عليكم فذهب بملككم وسلطانكم ، وذهب بريحكم ، وسلط الله عليكم عبدا من عبيده أعور ، و ليس بأعور من آل أبي سفيان ، يكون استئصالكم على يديه وأيدي أصحابه ، ثم قطع الكلام (١).
بيان : قوله فعذروه بالتخفيف أي أظهروا عذره ، أو بالتشديد أي ذكروا في العذر أشياء لاحقيقة لها. قوله عليهالسلام إلا ملكتم مثليه : لعل المراد أصل الكثرة والزيادة ، لا الضعف الحقيقي كما قيل في كرتين ولبيك وفي هذا الابهام حكم كثيرة : منها عدم طغيانهم كثيرا ، ومنها عدم يأس الشيعة ، وعنفوان الملك بضم العين والفاء أي أوله.
____________________
(١) الكافى ج ٨ ص ٢١٠.