وكانت الريح تميله بمنزلة السنبلة ، وكانت له خمسمائة نخلة ، فكان يصلي عند كل نخلة ركعتين ، وكان إذا قام في صلاته غشي لونه لون آخر ، وكان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل ، كان أعضاؤه ترتعد من خشية الله وكان يصلي صلاة مودع يرى أنه لايصلي بعدها أبدا.
وروي أنه كان إذا قام إلى الصلاة تغير لونه ، وأصابته رعدة ، وحال أمره ، فربما سأله عن حاله من لايعرف أمره في ذلك ، فيقول : إني أريد الوقوف بين يدي ملك عظيم ، وكان إذا وقف في الصلاة لم يشتغل بغيرها ، ولم ينسمع شيئا لشغله بالصلاة.
وسقط بعض ولده في بعض الليالي فانكسرت يده ، فصاح أهل الدار ، وأتاهم الجيران ، وجيئ بالمجبر فجبر الصبي وهو يصيح من الالم ، وكل ذلك لايسمعه فلما أصبح رأى الصبي يده مربوطة إلى عنقه ، فقال : ما هذا؟ فأخبروه.
ووقع حريق في بيت هوفيه ساجد ، فجعلوا يقولون : يا ابن رسول الله النار النار ، فما رفع رأسه حتى اطفئت ، فقيل له بعد قعوده : ما الذي ألهاك عنها؟ قال : ألهتني عنها النار الكبرى.
الاصمعي : كنت أطوف حول الكعبة ليلة ، فاذا شاب ظريف الشمائل وعليه ذؤابتان ، وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول : « نامت العيون ، وعلت النجوم وأنت الملك الحي القيوم ، غلقت الملوك أبوابها ، وأقامت عليها حراسها ، وبابك مفتوح للسائلين ، جئتك لتنظر إلي برحمتك يا أرحم الراحمين » ثم أنشأ يقول :
يا من يجيب دعا المضطر في الظلم |
|
يا كاشف الضر والبلوى مع السقم |
قد نام وفدك حول البيت قاطبة |
|
وأنت وحدك يا قيوم لم تنم |
أدعوك رب دعاء قد أمرت به |
|
فارحم بكائي بحق البيت والحرم |
إن كان عفوك لايرجوه ذوسرف |
|
فمن يجود على العاصين بالنعم (١) |
____________________
(١) هذه الابيات أنشدها الامام زين العابدين عليهالسلام ولم ينشئها. اذ أن البيت الاول والثانى والرابع منها عين ماورد من شعر منازل الذى فلج نصفه وشل بسبب دعاه أبيه