ثم بكى وقال : سبحانك تعصى كأنك لاترى ، وتحلم كأنك لم تعص تتودد إلى خلقك بحسن الصنيع كأن بك الحاجة إليهم ، وأنت يا سيدي الغني عنهم ثم خر إلى الارض ساجدا؟ قال : فدنوت منه وشلت برأسه ووضعته على ركبتي وبكيت حتى جرت دموعي على خده ، فاستوى جالسا وقال : من الذي أشغلني عن ذكر ربي؟ فقلت : أنا طاوس يا ابن رسول الله ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن عاصون جانون ، أبوك الحسين بن علي وامك فاطمة الزهراء ، وجدك رسول الله صلىاللهعليهوآله!؟ قال : فالتفت إلي وقال : هيهات هيهات يا طاوس دع عني حديث أبي وامي وجدي خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن ، ولو كان عبدا حبشيا ، وخلق النار لمن عصاه ولو كان ولدا قرشيا أما سمعت قوله تعالى « فاذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون » (١) والله لا ينفعك غدا إلا تقدمة تقدمها من عمل صالح (٢).
بيان : قوله عليهالسلام : زرية بتقديم المعجمة من قولهم زرى عليه أى عابه وعاتبه وشلت بالشئ بضم الشين أي رفعته.
٧٦ ـ قب : وكفاك من زهده الصحيفة الكاملة والندب المروية عنه عليهالسلام.
فمنها ما روى الزهري : يا نفس حتام إلى الحياة سكونك ، وإلى الدنيا وعمارتها ركونك ، أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك ، ومن وارته الارض من آلافك ، ومن فجعت به من إخوانك.
شعر :
فهم في بطون الارض بعد ظهورها |
|
محاسنهم فيها بوال دواثر |
خلت دورهم منهم وأقوت عراصهم |
|
وساقتهم نحو المنايا المقادر |
____________________
(١) سورة المؤمنون الاية : ١٠١.
(٢) مناقب ابن شهر آشوب ج ٣ ص ٢٩١.