وأستنصحها فتغش ، لاتحدث جديدة إلا تخلق مثلها ، ولاتجمع شملا إلا بتفريق بين حتى كأنها غيرى ، أو محتجبة تغار على ألاف وتحسد أهل النعم ، شعر :
____________________
أمسوا رميما قى التراب وعطلت |
|
مجالسهم منهم واخلت مقاصر |
وحلوا بدار لاتزاور بينهم |
|
وأنى لسكان القبور التزاور |
فما أن ترى الا قبورا ثووابها |
|
مسطحة تسفى عليها الاعاصر |
كم من ذى منعة وسلطان ، وجنود واعوان ، تمكن من دنياه ، ونال ما تمناه ، وبنى فيها القصور والدساكر ، وجمع فيها الاموال والذخائر ، وملح السرارى والحرائر :
فما صرفت كف المنية اذ أتت |
|
مبادرة تهوى اليه الذخائر |
ولا دفعت عنه الحصون التى بنى |
|
وحف بها أنهاره والدساكر |
ولا قارعت عنه المنية حيلة |
|
ولا طمعت في الذب عنه العساكر |
أتاه من الله ما لايرد ، ونزل به من قضائه مالا يصد ، فتعالى الله الملك الجبار المتكبر العزيز القهار ، قاصم الجبارين ، ومبيد المتكبرين ، الذى ذل لعزه كل سلطان وأباد بقوته كل ديان :
مليك عزيز لايرد قضاؤه |
|
حكيم عليم نافذ الامر قاهر |
عنى كل ذى عز لعزة وجهه |
|
فكم من عزيز للمهيمن صاغر |
لقد خضعت واستسلمت وتضاءلت |
|
لعزة ذى العرش الملوك الجبابر |
فالبدارالبدار ، والحذار الحذار ، من الدنيا ومكائدها ، وما نصبت لك من مصائدها وتحلت لك من زينتها ، وأظهرت لك من بهجتها ، وأبرزت لك من شهواتها ، وأخفت عنك من قواتلها وهلكاتها :
وفى دون ما عاينت من فجعاتها |
|
إلى دفعها داع وبالزهد آمر |
فجد ولا تغفل وكن متيقظا |
|
فعما قليل يترك الدار عامر |
فشمر ولا تفتر فعمرك زائل |
|
وأنت إلى دار الاقامة صائر |
ولا تطلب الدنيا فان نعيمها |
|
وان نلت منها غبه لك ضائر |
فهل يحرص عليها لبيب؟ أو يسربها أريب؟ وهو على ثقة من فنائها ، وغير طامع في بقائها