والانبياء والمرسلون؟ طحنتهم والله المنون ، وتوالت عليهم السنون ، وفقدتهم العيون وإنا إليهم لصائرون ، وإنا لله وإنا إليه راجعون :
____________________
فكم موجع يبكى عليه مفجع |
|
ومستنجد صبرا وما هو صابر |
ومسترجع داع له الله مخلصا |
|
يعدد منه كل ما هو ذاكر |
وكم شامت مستبشر بوفاته |
|
وعما قليل للذى صار صائر |
فشقت جيوبها نساؤه ، ولطمت خدودها أماؤه ، وأعول لفقده جيرانه ، وتوجع لرزيته اخوانه ، ثم أقبلوا على جهازه ، وشمروا لابرازه ، كأنه لم يكن بينهم العزيز المفدى ولا الحبيب المبدى :
وحل أحب القوم كان بقربه |
|
يحث على تجهيزه ويبادر |
وشمر من قد أحضروه لغسله |
|
ووجه لما فاض للقبر حافر |
وكفن في ثوبين واجتمعت له |
|
مشيعة اخوانه والعشائر |
فلو رأيت الاصغر من أولاده ، وقد غلب الحزن على فؤاده ، ويخشى من الجزع عليه ، وخضبت الدموع عينيه ، وهو يندب أباه ، ويقول : يا ويلاه واحرباه :
لعاينت من قبح المنية منظرا |
|
يهال لمرآه ويرتاع ناظر |
أكابر أولاد يهيج اكتئابهم |
|
اذا ما تناساه البنون الاصاغر |
وربة نسوان عليه جوازع |
|
مدامعهن فوق الخدود غوازر |
ثم اخرج من سعة قصره ، إلى ضيق قبره ، فلما استقر في اللحد وهيئ عليه اللبن ، احتوشته اعماله ، وأحاطت به خطاياه ، وضاق ذرعا بمارآه ، ثم حثوا بأيديهم عليه التراب وأكثروا البكاء عليه والانتحاب ، ثم وقفوا ساعة عليه ، وآيسوا من النظر اليه ، وتركوه رهنا بما كسب وطلب :
فولوا عليه معولين وكلهم |
|
لمثل الذى لاقى اخوه محاذر |
كشاء رتاع آمنين بدالها |
|
بمديته بادى الذراعين حاسر |
فريعت ولم ترتع قليلا وأجفلت |
|
فلما نأى عنها الذى هو جاذر |
عادت إلى مرعاها. ونسيت ما في اختها دهاها ، أفبأفعال الانعام اقتدينا؟ أم على عادتها جرينا؟ عد إلى ذكر المنقول إلى دار البلى ، واعتبر بموضعه تحت الثرى ، المدفوع إلى هول ما ترى :