وبلغ يحيى بن خالد فركب إلى الرشيد ودخل من غير الباب الذي يدخل الناس منه حتى جآءه من خلفه وهو لايشعر ثم قال : التفت إلي يا أمير المؤمنين فأصغى إليه فزعا فقال له : إن الفضل حدث وأنا أكفيك ماتريد ، فانطلق وجهه وسر وأقبل على الناس فقال : إن الفضل كان عصاني في شئ فلعنته وقد تاب وأناب إلى طاعتي فتولوه ، فقالوا له : نحن أولياء من واليت وأعدآء من عاديت وقد توليناه.
ثم خرج يحيى بن خالد بنفسه على البريد حتى أتى بغداد فماج الناس و أرجفوا بكل شئ ، فأظهر أنه ورد لتعديل السواد ، والنظر في أمر العمال وتشاغل ببعض ذلك ، ودعا السندي فأمره فيه بأمره ، فامتثله ، وسأل موسى عليهالسلام السندي عند وفاته أن يحضره مولى له ينزل عند دار العباس بن محمد في أصحاب القصب ليغسله ففعل ذلك قال : وسألته أن يأذن لي أن اكفنه فأبى وقال : إنا أهل بيت مهور نسائنا وحج صرورتنا ، وأكفان موتانا من طهرة (١) أموالنا ، وعندي كفني.
فلما مات أدخل عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد وفيهم الهيثم بن عدي وغيره فنظروا إليه لا أثر به ، وشهدوا على ذلك واخرج فوضع على الجسر ببغداد ، ونودي : هذا موسى بن جعفر قد مات فانظروا إليه ، فجعل الناس يتفرسون في وجهه وهو عليهالسلام ميت.
قال : وحدثني رجل من بعض الطالبيين أنه نودي عليه : هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لايموت ، فانظروا إليه ، فنظروا إليه.
قالوا : وحمل فدفن في مقابر قريش ، فوقع قبره إلى جانب رجل من النوفليين يقال له عيسى بن عبدالله (٢).
٣٩ ـ شا : أحمد بن عبيد الله بن عمار ، عن علي بن محمد النوفلي ، عن
____________________
(١) الطهرة ، بالضم النقاء. والمراد به في المقام المال النقى من كل شبهة وشائبة.
(٢) غيبة الطوسي ص ٢٢.