أصحابنا قال : قلت للرضا عليهالسلام : الامام يعلم إذا مات؟ قال : نعم ، يعلم بالتعليم حتى يتقدم في الامر قلت : علم أبوالحسن عليهالسلام بالرطب والريحان المسمومين اللذين بعث إليه يحيى بن خالد؟ قال : نعم قلت : فأكله وهو يعلم؟ قال : أنساه لينفذ فيه الحكم (١).
٤٣ ـ خص (٢) ير : أحمد بن محمد ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت : الامام يعلم متى يموت؟ قال : نعم ، قلت : حيث مابعث إليه يحيى بن خالد برطب وريحان مسمومين علم به؟ قال : نعم ، قلت : فأكله وهو يعلم فيكون معينا على نفسه؟ فقال : لايعلم قبل ذلك ، ليتقدم فيما يحتاج إليه ، فاذا جاء الوقت ألقى الله على قلبه النسيان ليقضي فيه الحكم (٣).
بيان : ماذكر في هذين الخبرين أحد الوجوه في الجمع بين مادل على علمهم بما يؤل إليه أمرهم ، وبالاسباب التي يترتب عليها هلاكهم ، مع تعرضهم لها وبين عدم جواز إلقاء النفس إلى التهلكة ، ويمكن أن يقال مع قطع النظر عن الخبر : أن التحرز عن أمثال تلك الامور إنما يكون فيمن لم يعلم جميع أسباب التقادير الحتمية وإلا فيلزم أن لايجرى عليهم شئ من التقديرات المكروهة ، وهذا مما لايكون.
والحاصل أن أحكامهم الشرعية منوطة بالعلم الظاهرة لا بالعلوم الالهامية وكما أن أحوالهم في كثير من الامور مبائنة لاحوالنا فكذا تكاليفهم مغايرة لتكاليفنا ، على أنه يمكن أن يقال لعلهم علموا أنهم لو لم يفعلوا ذلك لاهلكوهم بوجه أشنع من ذلك ، فاختاروا أيسر الامرين ، والعلم بعصمتهم وجلالتهم وكون جميع أفعالهم جارية على قانون الحق والصواب كاف لعدم التعرض لبيان الحكمة في خصوصيات أحوالهم لاولي الالباب ، وقد مر بعض الكلام في ذلك في باب شهادة أمير المؤمنين ، وباب شهادة الحسن ، وباب شهادة الحسين صلوات الله عليهم أجمعين.
____________________
(١) بصائر الدرجات ج ١٠ باب ٩ ص ١٤١.
(٢) مختصر بصائر الدرجات ص ٧.
(٣) بصائر الدرجات ج ١٠ باب ٩ ص ١٤١.