بالصلاح ، وأنّ عالم الارادة والكراهة إنّما تكون في بعض المبادئ العالية ، ربما يتوهّم المتوهّم منه أنّه ليس في المبدأ الأعلى عالم إنشاء وبعث وزجر ، وأنّ هذه العوالم ـ أعني عالم الانشاء وعالم البعث والزجر ـ لا تكون إلاّفي بعض المبادئ العالية ، ولازم ذلك أن لا تكون الجمل الانشائية مثل ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) من كلامه تعالى ، فلابدّ أن نقول : إنّ هذا العالم ـ أعني عالم الانشاء وعالم البعث والزجر ـ لا يتوقّف على إرادة وكراهة ، أو نقول : إنّ الانشاء يتحقّق في المبدأ الأعلى ، لكنّه مجرّد عن عالم البعث والزجر بناءً على توقّفهما على الارادة والكراهة. وعلى أيّ حال ، تكون الانشاءات والجمل الانشائية من كلامه تعالى ، ويكفي في تحقّق الحكم وجعله خلقه وإنشاؤه وإن كان مجرّداً عن الارادة والكراهة ، بل وإن كان مجرّداً عن البعث والزجر إن قلنا بتوقّفهما على الارادة [ والكراهة ] ، ولكن هذا الأخير بعيد.
قوله : والثاني كانتزاع السببية من العقد الذي صار ... الخ (١).
في باب السببية كما في سببية العقد للملكية وكما في سببية الدلوك لوجوب الصلاة ، هل المجعول هو المسبب عند حصول السبب ولا تكون السببية إلاّ انتزاعية ، أو أنّه كما جعل المسبب عند السبب فكذلك جعل السببية؟
أمّا ما ينسب إلى الشيخ (٢) من أنّ الوضع منتزع من التكليف وفي قباله أنّ التكليف منتزع من الوضع ، فليس كما ينبغي ، وفي الحقيقة أنّ النزاع بينه وبين غيره واقع في أنّ المجعول ابتداءً والمجعول تبعاً هل هو الوضع أو التكليف ، فليس شيء منهما انتزاعياً ، بل إنّ كلاً منهما متأصّل بالجعل ، إلاّ أن الخلاف قد
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٨١.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ١٢٦ وما بعدها.