الذاتية ، أو عدم الحرمة الذاتية ، إلاّ أن ها لمّا كانت متضمّنة للتنزيل ، أعني تنزيل هذا المشكوك النجاسة الذاتية منزلة الطاهر الذاتي ، كان ذلك كافياً في حكومتها على استصحاب كلّي النجاسة المشكوك البقاء ، بواسطة دفعها لاحتمال النجاسة الذاتية الذي هو السبب في الشكّ في بقاء كلّي النجاسة ، فتكون القاعدة الجارية سابقاً حاكمة بزوال النجاسة بعد ارتفاع النجاسة العارضية.
وإن شئت فقل : إنّ من آثار الطهارة هو أنّه يطهر لو تنجّس وطهّر ، بل إنّ من آثار الطهارة هو أنّه يتنجّس بنجاسة عارضية لو لاقته نجاسة أجنبية ، وهذا بخلاف ما لو لم يكن مسبوقاً بجريان قاعدة الطهارة ، بأن حصل لنا العلم الاجمالي الابتدائي المردّد بين كون هذا الصوف صوف كلب أو أنّه صوف غنم متنجّس ، فيحصل لنا العلم التفصيلي حينئذ بنجاسته المردّدة بين الذاتية والعارضية ، فحيث إنّه لم يكن مسبوقاً بقاعدة الطهارة ، يكون استصحاب النجاسة بعد غسله محكّماً لا محيص عنه ، فتأمّل جيّداً.
ومن جملة الفروع ، ما لو تنجّس الثوب بالدم الذي يكفي فيه الغسل مرّة واحدة ، واحتملنا تنجّسه بالبول بعد الدم ، فإنّه بعد غسله مرّة واحدة يجري فيه استصحاب كلّي النجاسة ، وقد حكم في العروة في م ١٠ بأنّه يكفي فيه المرّة الواحدة ، فراجع (١).
تنبيه : قد تقدّم لنا البحث فيما نقل عن الفاضل التوني في بعض مباحث البراءة (٢) ، فلا حاجة لنا إلى إعادته.
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ١٧٢ ـ ١٧٣ / فصل في كيفية تنجّس المتنجّسات.
(٢) تقدّم البحث في أصالة عدم التذكية في المجلّد السابع من هذا الكتاب فراجع حواشيه قدسسره في الصفحة : ١٨٥ وما بعدها من المجلّد المذكور.