وخلاصة البحث هي : أنّه ربما ادّعي التخلّص من الإشكال بجعل المسألة من قبيل القسم الأوّل من القسم الثالث من الكلّي ، بدعوى عدم التضادّ بين الحدثين ، فلو حدث الأكبر على الأصغر اجتمعا ، وعند الشكّ في طروّ الأكبر على الأصغر لو توضّأ يكون حدثه الأصغر مرتفعاً قطعاً ، ولكنّه يشكّ في مقارنة حدثه الأصغر لحدثه الأكبر ، وحينئذ يكون المرجع هو استصحاب كلّي الحدث ، وحيث قلنا بمنع الاستصحاب في القسم المذكور كنّا في راحة من هذا الإشكال ، وبه قال شيخنا الأُستاذ العراقي قدسسره فيما حرّرته عنه في الدرس.
وقال في مقالته : وأمّا إن كان الحدث المعلوم هو الأصغر كما لو رأى الإنسان بعد نومه رطوبة مردّدة بين المذي والمني ، ففي هذه الصورة إن قلنا بعدم التضادّ بين الحدثين واجتماعهما في زمان واحد ، غاية الأمر لا أثر للأصغر حين وجود الأكبر ، فلا إشكال أيضاً في الاكتفاء بموجب الأصغر ، فلا مجال لجريان استصحاب الكلّي ، لأنّه من القسم الثالث الراجع إلى الشكّ في مقارنة فرد إلى المعلوم تفصيلاً ، وفي مثله لا يكون مشكوك البقاء عين المتيقّن الحادث كي يشمله عموم حرمة النقض (١).
ولا يخفى ما فيه : فإنّه بناءً على عدم التضادّ بين الحدثين وإمكان اجتماعهما وعدم اندكاك أحدهما بالآخر ، لا تكون المسألة من هذا القسم أعني الأوّل من الثالث ، لأنّ الشرط في كونها من هذا القبيل هو العلم بارتفاع ما علم وجوده أعني الحدث الأصغر ، والمفروض أنّا لا نعلم بارتفاع الأصغر على كلّ حال ، بل إنّه على تقدير انضمام الأكبر إليه لا يكون الوضوء موجباً لارتفاعه ، بل لا يرتفع حينئذ إلاّبالغسل ، وحينئذ يكون الاستصحاب جارياً في الأصغر نفسه لا
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٣٨٥.