الحدث مانع ، أو عدم إحراز شرط الصلاة إن قلنا إنّ الطهارة شرط ، وهذه المقادير لا ينافيها عدم الجنابة القاضي بعدم وجوب الغسل الذي هو أثر الحدث الخاصّ أعني الجنابة.
لا يقال : إنّ الطهارة شرط للصلاة ، وحينئذ يكفي في عدم جواز الدخول فيها مجرّد عدم إحراز الشرط ، فمن هذه الجهة لا يترتّب على استصحاب كلّي الحدث إلاّمجرّد المنع من الدخول في الصلاة ، لعدم إحراز الشرط وهذا وجداني ، فيكون المقام من قبيل الإحراز التعبّدي لما هو محرز بالوجدان ، وحينئذ لا يبقى بأيدينا ما يقضي بالمنع من الدخول في الصلاة إلاّقاعدة الاشتغال وأصالة عدم الجنابة باعتبار رفعها لوجوب الغسل حاكمة عليها.
لأنّا نقول : إنّ هذا المقدار لا يتولّد منه المعارضة مع استصحاب الكلّي ، بل يبقى استصحاب الكلّي جارياً ولو باعتبار أنّه لا يجوز له مسّ المصحف ، وحينئذ يكون الحكم أنّه يحرم عليه مسّ المصحف ولكن يجوز له الدخول في الصلاة ، ولا يخلو عن غرابة ، نعم إنّ استصحاب عدم الأكبر لا يجتمع مع استصحاب كلّي الحدث بعد فرض تحقّق الوضوء ، ولعلّ ذلك هو المشار إليه في عبارة صاحب الدرر ، وذلك قوله : ثمّ إنّك قد عرفت أنّ إجراء الأصل في الكلّي لا يثبت الفرد وإن كان ملازماً له ، لأنّ هذه الملازمة ليست شرعية ، وحينئذ فلو كان للفرد أثر خاصّ ينفى بالأصل ، إلاّ إذا كان للفرد الآخر أيضاً أثر خاصّ ، فيتعارض الأصلان ـ ثمّ قال ـ وكذا لو علم أنّ الحكم ببقاء الكلّي في الأثر والحكم بعدم الفرد كذلك ممّا لا يجتمعان في مرحلة الظاهر أيضاً (١).
والشاهد في هذه العبارة الأخيرة ، فإنّها تنطبق على ما نحن فيه ، فيقال إنّه
__________________
(١) درر الفوائد ١ ـ ٢ : ٥٣٦.