بعد فرض التضادّ الذاتي بين الحدثين ، لو كان الشخص محدثاً بالأصغر ثمّ طرأه احتمال الجنابة ، فلو توضّأ جرى في حقّه استصحاب كلّي الحدث ، وحينئذ يكون استصحاب عدم الأكبر معارضاً لاستصحاب كلّي الحدث ، لعدم إمكان اجتماعهما بعد فرض تحقّق الوضوء منه ، لأنّه إن كان محدثاً بالأصغر فقد ارتفع حدثه قطعاً ، فلو بقي كلّي الحدث فإنّما يبقى في ضمن الأكبر ، فيكون الحكم ببقاء الحدث الكلّي منافياً لأصالة عدم الأكبر ، لأنّهما لا يجتمعان في مرحلة الظاهر لكونهما إحرازيين مع العلم بأنّ أحدهما مخالف للواقع.
وفيه : أنّ أغلب الأُصول الاحرازية متنافية ، كما في مثل استصحاب الحياة واستصحاب عدم نبات اللحية ، ونحن وإن قلنا بتعارض الأُصول الاحرازية التي يعلم بمخالفة أحدها للواقع ، إلاّ أن له ضابطاً وتفصيلاً تعرّض له شيخنا قدسسره في خاتمة الاستصحاب.
ثمّ إنّا لو سلّمنا التعارض فيما نحن فيه والتساقط لم يكن المرجع هو استصحاب عدم وجوب الغسل ، إذ أنّه لا يكون حاكماً على قاعدة الاشتغال في الصلاة ، لأنّ استصحاب عدم وجوب الغسل لا يرفع الشكّ في إحرازه لشرط الصلاة ، نعم يكون حاكماً على أصالة الاشتغال بالطهارة ، وهذا ـ أعني حكومته على قاعدة الاشتغال بالطهارة ـ لا يوجب حكومته على قاعدة الاشتغال بالصلاة.
ثمّ إنّ عدم وجوب الغسل إنّما كان لأجل عدم الجنابة ، ومع الشكّ فيها وعدم إحراز الموضوع لا يجري استصحاب ذلك الحكم ـ أعني عدم الوجوب ـ إلاّ بواسطة أصالة عدم الجنابة ، والمفروض أنّها قد سقطت بالمعارضة.
ثمّ بعد البناء على جريان استصحاب عدم وجوب الغسل وأنّه حاكم على قاعدة الاشتغال ، لو قلنا إنّ الطهارة الواجبة عليه في حال احتماله الجنابة هي