الأصغر الخ (١).
لما عرفت من كون الأصل المذكور نافياً للحدث الأكبر ، ومحقّقاً بضمّ الوجدان للحدث الأصغر الذي هو عبارة عن أثر النوم وعدم الجنابة ، فصار الحاصل هو نفي الأكبر وإثبات الأصغر ، ولا ريب في أنّ أثر نفي ذاك وإثبات هذا هو ارتفاع الأصغر بالوضوء وانتفاء الأكبر بأصالة عدمه ، فكأنّه قد جرى فيه أصلان أحدهما منقّح لكون حدثه أصغر ، والآخر نافٍ للأكبر ، ومع فرض جريان هذين الأصلين لا يبقى لنا شكّ في ارتفاع طبيعة الحدث بالوضوء ، غايته أنّ هذا الأصل الواحد ـ أعني أصالة عدم الجنابة ـ بضميمة الوجدان يكون قد أدّى وظيفة الأصلين ، وليس ذلك من الأصل المثبت ، وذلك واضح لا غبار عليه ، لأنّه إنّما يكون مثبتاً لو كان القدر الجامع بينهما نظير الجامع بين البقّة والفيل في كونه من الطبائع الخارجية ، أمّا لو كان كلّ من الفردين والقدر الجامع حكماً شرعياً ، فلا يكون ترتّب نفي الكلّي على نفي أحدهما بالأصل والآخر برافعه من قبيل الأصل المثبت ، على تأمّل في ذلك تقدّمت الإشارة إليه ، هذا.
ويمكن إتمام مطلب شيخنا قدسسره أعني إسقاط استصحاب القدر الجامع بعد الوضوء من دون حاجة إلى هذا التقريب الذي قرّبناه به من كون هذا الأصل منقّحاً للحدث الأصغر ونافياً للأكبر ، بتقريب آخر مرجعه إلى أنّه بعد فرض كون القسم الأوّل هو القيام من النوم وعدم الجنابة ، وكون القسم الثاني هو الجنابة نفسها ، لم يعقل وجود الجامع بين القسمين المذكورين كي يجري فيه الاستصحاب المذكور ، وتوضيح ذلك يحتاج إلى التأمّل فيما تفيده الآية الشريفة ، فنقول بعونه
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٣٨٦.