تعالى : إنّ قوله تعالى (١) : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) الخ بعد أن فسّرت بالقيام من النوم ، فقد يتوهّم أنّ مفادها هو أنّ القيام من النوم يوجب الوضوء ، وأنّه إن كان القائم من النوم جنباً وجب عليه الغسل مضافاً إلى ما أوجبه القيام من النوم من الوضوء ، بناءً على أنّ قوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) ليس بشرط مستقل ، بل هو في مورد القيام من النوم ، بل لو قلنا إنّه شرط مستقل كان أدلّ على هذا التوهّم ، لأنّ كلاً منهما يكون شرطاً وسبباً مستقلاً ، ومسبّب الأوّل هو الوضوء ، ومسبّب الثاني هو الغسل ، فعند اجتماع السببين يتعيّن الجمع بين المسبّبين ، حتّى أنّا لو قلنا بتداخل الأسباب لم يكن ذلك موجباً لوحدة المسبّب ، لأنّ ذلك إنّما هو فيما لو تعدّدت الأسباب واتّحد المسبّب ، دون ما لو تعدّد السبب والمسبّب.
__________________
(١) في سورة المائدة : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [ المائدة ٥ : ٦ ].
[ وفي ] سورة النساء : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً ) [ النساء ٤ : ٤٣ منه قدسسره ].