ولكن هذا ـ أعني الجمع بين الوضوء والغسل عند اجتماع السببين ـ ممّا لا إشكال في بطلانه لوجوه : منها الإجماع على أنّه لا يجب عليه إلاّ الغسل. ومنها : ظهور الأخبار في أنّه لا وضوء مع الغسل (١). ومنها : أنّ نفس الآية لعلّها تدلّ على ذلك بمقتضى إطلاق قوله تعالى : ( فَاطَّهَّرُوا ) في الظهور في الاكتفاء بالغسل وحده سيّما بالنظر إلى أنّ مورده هو اجتماع الجنابة مع النوم.
وحينئذ لابدّ أن يكون الأوّل ليس هو النوم بذاته ، بل هو النوم وعدم الجنابة ، فيكون محصّل الآية الشريفة : إذا قمتم إلى الصلاة ولم تكونوا جنباً فاغسلوا الخ ، وإن كنتم جنباً فاغتسلوا ، وبذلك نستغني عن طريقة أنّ التفصيل قاطع للشركة ، إذ لو فرضنا أنّ الجملة الأخيرة وهي قوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) لم تكن موجودة ، وبقينا نحن وقوله تعالى : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) كان الإجماع وتلك الأخبار كافيين في خروج المجنب عن عموم « من نام » ، وحينئذ يكون هذا الحكم ـ أعني وجوب الوضوء ـ مختصّاً بمن نام ولم يكن جنباً ، فكان القسم الأوّل هو النوم وعدم الجنابة ، والقسم الثاني هو وجود الجنابة ، وقد اصطلحوا على تسمية القسم الأوّل بالحدث الأصغر والثاني بالحدث الأكبر ، فليس الحدث الأصغر هو ذات النوم ، بل هو مع عدم الجنابة.
وحينئذ نقول : إنّ من نام ولم يجنب كان من القسم الأوّل ، سواء كان ذلك محرزاً بالوجدان بكلا جزأيه ، أو كان أحدهما وهو النوم وجدانياً والآخر وهو عدم الجنابة بالأصل كما فيما نحن فيه ، أو كان الأمر بالعكس ، بأن كان عدم الجنابة وجدانياً وكان الآخر محرزاً بالتعبّد وجوداً كما في مستصحب الحدث الأصغر ، أو عدماً كما في من توضّأ واحتمل صدور البول منه مع قطعه بعدم الجنابة ، وحينئذ
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢ : ٢٤٤ / أبواب الجنابة ب ٣٣ و ٣٤.