بعد أن تمّ أنّ القسم الأوّل هو من نام ولم تصدر منه جنابة إمّا بالأصل أو بالوجدان ، يكون بعد الوضوء محكوماً بعدم الحدث ، لأنّه لا قدر جامع بين القسمين ، إذ لا جامع بين الوجود والعدم.
فلا يبقى حينئذ معنى محصّل لاستصحاب الكلّي بناءً على جميع الاحتمالات من التبدّل والاشتداد والاجتماع وعدم التضادّ ، كما أنّه لا يبقى محصّل لاستصحاب ذات القسم الأوّل بناءً على الاشتداد أو الاجتماع ، بل التحقيق أنّه لابدّ أن يكون دخول الجنابة على النوم من قبيل التبدّل ، لانقلاب عدم الجنابة المأخوذ في القسم الأوّل إلى وجود الجنابة ، وحينئذ يكون اجتماعهما من المحال.
والمراد هو محالية اجتماع القسم الأوّل مع القسم الثاني لا ذات النوم وذات الجنابة ، لما عرفت من أنّ القسم الأوّل ليس هو ذات النوم ، بل هو النوم وعدم الجنابة ، ومن الواضح أنّه لا يمكن اجتماعه مع الجنابة ، وهذا هو المستفاد من قوله في هذا التحرير : فإنّ النائم الذي احتمل الجنابة قد أحزر ـ إلى قوله ـ لأنّ سبب وجوب الوضوء لا يمكن أن يجتمع مع سبب وجوب الغسل ، فإنّ من أجزاء سبب وجوب الوضوء عدم الجنابة ، فلا يعقل أن يجتمع مع الجنابة التي هي سبب وجوب الغسل ، فإنّه يلزم اجتماع النقيضين الخ (١).
ثمّ لا يخفى أنّه لا يفرق في هذه الطريقة بين أخذ عدم الجنابة في موضوع وجوب الوضوء على نحو مفاد ليس التامّة ، وبين أخذه على نحو ليس الناقصة ، أمّا [ على ] الأوّل فواضح كما شرحناه ، وأمّا على الثاني فكذلك سواء أخذنا هذا العدم في المكلّف نفسه أو أخذناه في نفس أثر النوم ، لأنّ كلاً منهما ـ أعني
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٢٧.