المكلّف أو أثر النوم ـ لمّا كان مسبوقاً بعدم الجنابة صحّ فيه استصحاب حالته العدمية السابقة ، فيكون هذا المكلّف الذي قد نام أو هذا الأثر للنوم متّصفاً سابقاً بعدم الجنابة والآن كما كان ، فيكون من قبيل إحراز أحد جزأي الموضوع بالوجدان والآخر وهو الإتصاف بعدم الجنابة بالأصل.
وهكذا الحال من ناحية دعوى عدم الجامع ، فإنّ الجامع الذي يترتّب عليه مثل حرمة مسّ المصحف إنّما هو الجامع بين أثر النوم المقيّد بعدم الجنابة وبين الجنابة نفسها ، ومن الواضح أنّه لا جامع بين أثر النوم المقيّد بعدم الجنابة وبين الجنابة نفسها.
نعم ، هاهنا جامع بين أثر النوم المأخوذ بالقياس إلى الجنابة بشرط لا وأثر النوم المأخوذ بالقياس إليها بشرط شيء ، لكن هذا الجامع بين أثر النوم المقيّد بعدم الجنابة وبين أثر النوم المقيّد بوجود الجنابة لا أثر له كي يصحّ لنا استصحابه ، فإنّ حرمة مسّ المصحف ومثل عدم جواز الدخول إنّما هي مترتّبة على الجنابة أو على أثر النوم المقيّد بعدم الجنابة ، لا أنّه مترتّب على أثر النوم المقيّد بوجود الجنابة ، ولو استشكل مستشكل في ذلك تعيّن إسقاط هذا الاحتمال ، أعني احتمال كون القيد العدمي مأخوذاً بمفاد ليس الناقصة ، ولزم المصير إلى كونه مأخوذاً بمفاد ليس التامّة ، ولو بقرينة ما ورد من عدم وجوب الغسل على من احتمل الجنابة في نومه ، كما تضمّنته رواية مستطرفات السرائر (١) فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) صحيح ابن مسلم المروي عن مستطرفات السرائر « عن رجل لم ير في منامه شيئاً فاستيقظ فإذا هو ببلل ، قال عليهالسلام : ليس عليه غسل » [ السرائر ٣ : ٥٥٨ ، وسائل الشيعة ٢ : ١٩٩ / أبواب الجنابة ب ١٠ ح ٤ ].