ولو أغضينا النظر عن ذلك كلّه ، لأمكننا القول بأنّ محصّل إحراز أحد جزأي الموضوع بالوجدان والآخر أعني عدم الجنابة بالأصل ، أو محصّل استصحاب العدم بمفاد ليس الناقصة ، أعني استصحاب أثر النوم المتّصف بعدم الجنابة ، هو أنّه داخل في القسم الأوّل من الآية الشريفة ، وذلك عبارة أُخرى عن كون حدثه بالاصطلاح هو الحدث الأصغر ، وذلك قاضٍ بارتفاعه بالوضوء ، وأنّه غير داخل في القسم الثاني الذي هو الجنابة ، فلا يبقى مورد لاستصحاب الكلّي.
نعم ، هذه الطريقة الأخيرة أعني الاعتماد على استصحاب أثر النوم المتّصف بعدم الجنابة ، لا تتأتّى في من كان متطهّراً من الحدثين ثمّ احتمل الجنابة وأجرى أصالة العدم فيها ثمّ إنّه حصل منه البول مثلاً ، فإنّه لا يمكنه أن يقول إنّ حدثي الحاصل من البول كان متّصفاً بعدم الجنابة ، فلابدّ في مثل ذلك حينئذ من الاعتماد على أنّ استصحاب طهارته من الجنابة وغيرها إلى حين صدور البول منه قاضٍ بأنّه داخل في القسم الأوّل وخارج عن القسم الثاني ، وذلك قاض بعدم جريان استصحاب الكلّي بعد الوضوء ، فلاحظ وتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّ ذلك كلّه من باب التسليم والمماشاة ، وإلاّ فإمّا أن يكون الاعتماد على طريقة شيخنا من أخذ هذا القيد العدمي من المقابلة بين قوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ) وبين قوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا )(١) فيكون
__________________
رواية أبي بصير « عن رجل يصيب بثوبه منياً ولم يعلم أنّه احتلم ، قال عليهالسلام : ليغسل ما وجده بثوبه وليتوضّأ » [ وسائل الشيعة ٢ : ١٩٨ / أبواب الجنابة ب ١٠ ح ٣ ]. حملها الشيخ قدسسره على الثوب المشترك ، وربما تحمل على من يحتمل كون المني عن جنابة سابقة قد اغتسل منها [ منه قدسسره ].
(١) المائدة ٥ : ٦.