المنجّز لهذه التكاليف كلّها قبل الوضوء ، لا لأجل استصحاب كلّي الحدث ، فلاحظ وتأمّل.
ثمّ قال في المقالة : مع أنّ لازمه إمّا الاكتفاء بالوضوء المزبور حتّى في صورة العلم بالطهارة السابقة ، من جهة استصحاب عدم الجنابة الحاكم على الشكّ في صحّة الوضوء ، بناءً على كون موضوع الوضوء الرافع من لم يكن جنباً ، وإن كان الموضوعُ المحدثَ بالأصغر الذي لم يكن جنباً ، يلزم عدم الاكتفاء بالوضوء في فرض العلم بعدم الجنابة سابقاً مع الشكّ في الطهارة أو الحدث الأصغر قبل الرطوبة المردّدة بين البول والمني ، ولا أظنّ التزامه من أحد ، إذ هو أيضاً مثل المعلوم الحالة من الحدث الأصغر في اكتفائهم بالوضوء محضاً بمقتضى قاعدة الاستصحاب ، مع أنّ موضوع رافعية الوضوء من عنوان المحدثية بالأصغر فعلاً بعد الرطوبة غير محرز ، كما لا يخفى الخ (١).
وفيه : أنّا لو اخترنا الشقّ الأوّل لم يتوجّه النقض المذكور ، لأنّ الحكم برافعية الوضوء وإن كان مترتّباً على مجرّد من لم يكن مجنباً من دون إحراز الحدث الأصغر ، إلاّ أن ذلك الحكم إنّما يترتّب لو جرى في حقّه أصالة عدم الجنابة ، والمفروض أنّها في الصورة المزبورة أعني من كان مسبوقاً بالطهارة معارضة بأصالة عدم الحدث الأصغر. نعم لو توضّأ باعتقاد أنّه محدث بالأصغر ثمّ بعد الفراغ من الوضوء تذكّر أنّه قد كان متطهّراً ، وأنّه قد طرأه البلل المردّد قبل وضوئه ، ففي [ مثله ] لا تكون أصالة عدم الأصغر جارية ، ويكون الجاري هو أصالة عدم الأكبر ، فلابدّ حينئذ من اختيار الشقّ الثاني ، وهو كون موضوع رافعية الوضوء مَن كان محدثاً بالأصغر ولم يكن مجنباً ، فلا يرد النقض الأوّل.
وكذلك الثاني ، فإنّ المكلّف في هذه الصورة التي هي مورد النقض الثاني
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٣٨٦ ـ ٣٨٧ ( مع اختلاف في العبائر ).