إذا كان مأموراً به ( يعني بالوضوء ) من جهة الجهل بالحالة السابقة فنسيه وصلّى ، إلى أن قال : وكذا الحال إذا كان من جهة تعاقب الحالتين والشكّ في المتقدّم منهما (١) فإنّه يرد عليه : أنّ الجهل بالحالة السابقة من حيث الحدث والوضوء لا يتصوّر إلاّمع تعاقب الحالتين ، فكيف جعله مقابلاً لتعاقب الحالتين.
وكأنّ الأُستاذ العراقي قدسسره أخذ هذا الفرض الذي أفاده في النقض من هذه العبارة في العروة ، ولعلّ مراده بالنقض المذكور هو ما لو علم بأنّه قد صدر منه البول والوضوء ولم يعلم السابق منهما ، ثمّ قبل أن يتوضّأ طرأه البلل المردّد بين البول والمني ، فإنّه في هذه الصورة لا يكون حدثه الأصغر محرزاً.
ولكن يمكننا الجواب عنه : أنّه أيضاً لا يلزمه إلاّ الوضوء لو كان التفاته إلى حالته السابقة بعد عروض ذلك البلل المردّد بين البول والمني ، بأن يقال : إنّه بعد عروض ذلك البلل المردّد بينهما التفت إلى حالته السابقة ، فعلم أنّه كان قد بال وقد توضّأ ولم يعلم السابق منهما ، فإنّه حينئذ يعلم بأنّ وضوءه السابق قد ارتفع إمّا بالبول السابق ، وإمّا بهذا المردّد بين البول والمني ، وحينئذ لا يجري في حقّه استصحاب الوضوء. نعم يجري في حقّه استصحاب أثر بوله السابق مع استصحاب عدم الجنابة ، فكان قد أحرز بهذين الأصلين كلا جزأي موضوع رافعية الوضوء ، وهما الحدث الأصغر مع عدم الجنابة ، وحينئذ يكون وضوءه رافعاً لحدثه ، كما لو أحرز الحدث الأصغر بالوجدان وعدم الجنابة بالأصل.
وفيه تأمّل ، فإنّه وإن لم يلتفت إلاّبعد عروض البلل المردّد ، إلاّ أنه بعد عروض ذلك البلل المردّد يمكن أن يقال : إنّه يتعارض في حقّه استصحاب أثر وضوئه إلى ما قبل عروض ذلك البلل واستصحاب أثر بوله أيضاً إلى ما قبل
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ٤٤٧ ـ ٤٤٨ / شرائط الوضوء.