استصحاب كلّي الحدث ، لكونه من القسم الثاني من القسم الثالث ، ولما عرفت فيما تقدّم من عدم القدر الجامع بين الحدثين ، كما أنّه لا يجري في حقّه استصحاب الحدث الأصغر ، لعلمه بارتفاعه إمّا بالوضوء أو بالجنابة.
ومن ذلك تعرف أنّه لا يتمّ فيه ما ذكرناه من إحراز الحدث الأصغر بالوجدان وعدم الجنابة بالأصل ، ليتوجّه الإشكال حينئذ بأنّه كيف يتوضّأ ويصلّي الصلاة المحتملة مع علمه أنّه إمّا قد امتثلهما أو أنّه فعلاً على جنابة ، وذلك لوضوح أنّ حدثه الأصغر الوجداني قبل دخوله المخدع لا يفيده ، بل لابدّ من جرّه إلى حالته الفعلية بعد خروجه من المخدع ، ولا يكون ذلك إلاّبالاستصحاب ، وقد علم بسقوطه وارتفاع حدثه الأصغر ، وحينئذ يبقى هو وأصالة عدم الجنابة وأصالة عدم الاتيان بالوضوء والصلاة ، فإن تعارضا كما هو الظاهر لكونهما إحرازيين يعلم بكذب أحدهما ، وحينئذ يبقى هو واحتماله الجنابة واحتمال بقاء اشتغال ذمّته بالصلاة ، فيجري البراءة في كلّ ما يحرم على المحدث والجنب ، لكن بالنسبة إلى ما يشترط فيه الطهارة يلزمه إحرازها ، وذلك لا يكون إلاّبالغسل أمّا الوضوء فهو قاطع بعدم مطلوبيته.
نعم ، لو قلنا بعدم المعارضة بين أصالة عدم الجنابة وأصالة عدم الاتيان بالصلاة ، وأجريناهما معاً لعدم لزوم مخالفة قطعية ، أو لأنّ الجاري في ناحية الصلاة هو أصالة الاشتغال ، كان محكوماً عليه فعلاً بأنّه مشغول الذمّة بالصلاة وأنّه لم يجنب.
وإن شئت فقل : إنّه محكوم بأنّه لم يصدر منه الوضوء والصلاة ولم تصدر منه الجنابة ، وهذا المقدار لا يكفيه في صحّة صلاته التي يصلّيها ، سواء كانت هي تلك التي احتملها أو غيرها ، فإنّ هذين الأصلين لا يحرزان له الطهارة التي هي