البقاء ومقطوع الارتفاع.
ولكنّه لا يخلو عن تأمّل ، فإنّه لو كان من قبيل تباين العلّة كما في النار والكهرباء بالنسبة إلى الحرارة ، لأمكن دعوى كون الحرارة من قبيل الفرد المردّد ، أمّا لو كانت العلّة المعلومة مردّدة بين الأقل والأكثر ، كما في ترك مطلق الذنب أو ترك خصوص الكبائر بالنسبة إلى العدالة ، فلا تكون العدالة فيه إلاّشخصاً واحداً مردّداً بين البقاء والارتفاع ، ولعلّ مثله ما لو علمنا بوجود الحرارة للجسم ، وتردّد الحال في العلّة الموجدة لذلك الشخص من الحرارة هل هي اجتماع الكهرباء والنار أو هي النار وحدها ولم يكن الكهرباء موجوداً أصلاً ، ثمّ علمنا بارتفاع النار ولإن أمكن ادّعاء ذلك في مثل العدالة فهو في مثل الكرّية ممنوع ، ولإن أمكن ادّعاؤه في الكرّية فهو في مثل النهار ممنوع أشدّ المنع ، فلاحظ وتدبّر.
قوله : ويكون كلّ آن جزءاً من الليل أو النهار لا جزئي ... الخ (١).
إذ لو كان النهار مثلاً كلّياً وكانت الآنات التي هي ما بين الحدّين أفراداً له ، لكان من قبيل القسم الثاني من القسم الثالث من الكلّي ، للعلم حينئذ بارتفاع الفرد الأخير والشكّ في قيام فرد آخر مقامه ، لأنّ الآن المشكوك كونه من الليل أو النهار على تقدير كونه من النهار يكون من أفراد النهار ، ويكون قائماً مقام ذلك الفرد النهاري الذي انقضى ، وعلى تقدير كونه من الليل تكون أفراد النهار قد تصرّمت ، والباقي يكون من أفراد الليل ، فهو نظير ما لو وجد الكلّي في ضمن زيد ثمّ بعده في ضمن بكر ثمّ بعده في ضمن خالد ، ثمّ جاء الفرد الأخير المشكوك كونه من أفراد الإنسان.
ثمّ لا يخفى أنّ الكل وأجزاءه وإن لم يكن الكل مقطوع الوجود إلاّبعد تمام
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٣٦.