ولم يكن ذلك من باب الشكّ في المقتضي ، ويكون معنى ظرفية النهار للجلوس الواجب جارياً على نحو ما عرفت في ظرفيته للوجوب ، بأن يكون قول الشارع : الجلوس في النهار واجب ، في قبال توهّم اختصاص الواجب بما يكون في الليل ، فيكون نظير قوله : الصلاة في السفر واجبة ، في قبال من يتوهّم أنّ الصلاة الواجبة هي ما يكون منها في الحضر ، وبعد ثبوت الظرفية للجلوس بالمعنى المذكور لا مانع من استصحاب الوجوب إلى الليل ، ولا يكون الشكّ فيه من قبيل الشكّ في المقتضي بل ينحصر الشكّ في بقاء الوجوب بالشكّ في الرافع.
وربما يقال : إنّ المراد من الظرفية هي الظرفية بحسب الذوق العرفي ، وإن كان مقتضى لسان الدليل هو القيدية.
وفيه تأمّل ، لأنّه إن كان المراد من ذلك هو أنّ العرف يفهمون من لسان الدليل الظرفية ، فذلك عبارة أُخرى عن أنّهم يفهمون لغوية القيد المذكور ، وإن كان المراد أنّهم بحسب ذوقهم يرون أنّ الفاقد لذلك الظرف متّحد مع الواجد ، فيطبّقون حديث « لا تنقض » وإن اعترفوا أنّ ظاهر الدليل هو القيدية ، فذلك أمر آخر غير مسألة كون النهار ظرفاً أو قيداً ، بل هو راجع إلى دعوى التسامح العرفي في الاتّحاد مع الاعتراف بالقيدية ، وعهدة ذلك على من يدّعي هذه الدعوى على العرف ، فإنّ المسلّم من التسامح العرفي هو فهم العلّية في قبال فهم الموضوعية ، ولكن سيأتي إن شاء الله تعالى التعرّض لتفصيل هذه الجهة عند الكلام على اعتبار الاتّحاد بين القضيتين (١).
لا يقال : لعلّ المراد من كون يوم الجمعة ظرفاً لوجوب الجلوس هو أنّ الوجوب المعلوم هو الوجوب في يوم الجمعة ، فيستصحب ذلك الوجوب الذي
__________________
(١) حواشيه قدسسره على هذا المطلب تأتي في بداية المجلّد الحادي عشر. راجع الحاشيتين المذكورتين في ذلك المجلّد في الصفحة : ٨٦ وما بعدها والصفحة : ٩٩ وما بعدها.