تتبع الجعل الشرعي الخ (١). وهذا هو الذي بنى عليه شيخنا قدسسره في قبال ما بنى عليه في الكفاية من كون المقام من تقييد « لا تنقض » ، وحاصله : أنّ التقييد إنّما يكون بالنسبة إلى الأدلّة الأوّلية القاضي إطلاقها بالوصل. وهذا المطلب هو الذي أشار إليه الأُستاذ العراقي بقوله في المقالة : ثمّ لو أغمض عن تلك الجهة يمكن بطريق آخر توجيه الاستدلال بالرواية على وفق مذهب الخاصّة الخ (٢).
لكنّه أشكل عليه بما حاصله : أنّ الوجوب اللاحق للركعة في ضمن الكل متّصلة مغاير عرفاً للوجوب اللاحق لها منفصلة ، ولكن لا يخفى أنّ هذا إنّما يتوجّه لو كان المستصحب هو وجوب الركعة ، أمّا لو كان المستصحب هو مجرّد عدم الاتيان بها فلا يتّجه الإشكال المزبور ، فلاحظ وتأمّل.
وعلى كلّ حال ، أنّ هذه التوجيهات راجعة إلى شرح قاعدة البناء على الأكثر في مورد الشكّ في عدد الركعات ، وأنّها في الحقيقة عمل بالاستصحاب الحاكم بعدم الاتيان بالركعة المشكوكة ، مع زيادة تصرّف بتبديل الحكم من الوصل إلى الفصل ، لما لاحظه الشارع من محذور الوقوع في زيادة الركعة لو اتّفق خطأ الاستصحاب ، وإن وقع في محذور الفصل بالتشهّد والتسليم والتكبيرة ، بل وباختلاف الكيفية من القيام إلى الجلوس في بعض موارده لو اتّفق مطابقة الاستصحاب للواقع ، لما لاحظه الشارع من كون هذا الثاني أقلّ المحذورين ، مع حكمه باغتفار هذا المقدار من الخلل لو اتّفق.
كلّ ذلك في قبال ما قيل من أنّ قاعدة البناء على الأكثر عندنا حاكمة على الاستصحاب ، نظير حكومة قاعدة التجاوز أو الفراغ على استصحاب عدم الاتيان
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٦٣.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٣٥٢.