وأنّ الأوّل قد انتقض بالثاني وجداناً ، وأنّ الشارع عبّدنا بعدم النقض ، كما أنّ لنا في كلّ منهما شيئاً يكون قد تعلّق به اليقين وتعلّق به الشكّ أيضاً ، وذلك مثل قيام زيد مثلاً ، وحينئذ لابدّ أن يكون هناك اختلاف في الزمان في الجملة ، وإلاّ لم يعقل أن يكون الشيء الواحد من جميع الجهات يتعلّق به كلّ من اليقين والشكّ في زمان واحد ، بأن يحصل لك الآن يقين وشكّ متعلّقان بنفس قيام زيد ، من دون اختلاف في الزمان في نفس الشكّ واليقين ، أو في متعلّقهما الذي هو قيام زيد.
وحينئذ نقول : إنّ قيام زيد بالأمس مثلاً إن كان بالأمس متعلّقاً لليقين ، وكان في هذا اليوم متعلّقاً للشكّ ، بأن أكون قد تيقّنت بالأمس بقيام زيد بالأمس ، لكن في هذا اليوم حدث لي شكّ في قيامه بالأمس ، فكان زمان اليقين والشكّ مختلفاً وكان زمان القيام الذي هو المتيقّن والمشكوك متّحداً وهو الأمس ، فهذا هو مورد قاعدة اليقين المعبّر عن الشكّ فيها بالشكّ الساري ، ومن الواضح أنّ اليقين فيها قد انتقض وانهدم وجداناً ، وحينئذ يمكن التعبّد بعدم النقض ، وهذه هي الصورة الأُولى من صور الاختلاف بحسب الزمان.
الصورة الثانية : أن يحصل الاختلاف في كلّ منهما ، بأن يكون قد تيقّن بالأمس بقيام زيد بالأمس ، وفي هذا اليوم حصل له الشكّ بقيامه في هذا اليوم ، وهذه الصورة لا تكون مورداً لقاعدة الشكّ الساري ، إذ لم يسر الشكّ فيها إلى اليقين السابق ، بل إنّ يقينه السابق الذي تعلّق بقيام زيد بالأمس باقٍ إلى اليوم بحاله فهو اليوم متيقّن بقيام أمس ، كما أنّه في هذا اليوم شاكّ ، لكن لا بقيام أمس بل بقيام اليوم ، فقد اجتمع عنده اليقين والشكّ في هذا اليوم ، لكن متعلّق اليقين هو قيام أمس ومتعلّق الشكّ هو قيام اليوم ، فكانت هذه الصورة الثانية راجعة إلى الصورة