في قبال قيامه بالأمس ، على وجه يكون قيامه اليوم حادثاً جديداً بعد أن انقضى قيامه بالأمس ، بل إنّ المشكوك في الحقيقة في باب الاستصحاب هو قيام الأمس ، لكن باعتبار بقائه واستمراره ، فالشكّ في الحقيقة إنّما تعلّق ببقاء قيام زيد واستمراره إلى اليوم ، فيكون اليقين في باب الاستصحاب متعلّقاً بنفس القيام أمس أو بحدوثه ، ويكون الشكّ فيه متعلّقاً ببقاء ذلك القيام الذي كان بالأمس أو الذي حدث بالأمس ، وحينئذ ففي الحقيقة لم يكن أحدهما هادماً للآخر ، لكن لمّا كان اليقين بقيام الأمس موجباً ادّعاء لليقين ببقائه إلى اليوم ، فكان هذا الشكّ الوجداني ناقضاً لليقين الادّعائي ، فصحّح ذلك توجّه النهي عن ذلك النقض ، ولأجل هذه الجهة من الادّعاء نقول باختصاص الاستصحاب بموارد الشكّ في الرافع ، فكأنّ الشارع نزّل اليقين بحدوث القيام أمس منزلة اليقين ببقائه إلى اليوم ، فأطلق على الشكّ الحاصل في اليوم أنّه ناقض لليقين ونهى عن ذلك النقض ، ولا ريب أنّ هذا التنزيل يقوى فيما لو كان الحادث له اقتضاء البقاء.
ولعلّه لأجل هذه الجهة من التنزيل زعم البعض شمول « لا تنقض » لقاعدة المقتضي ، بتوهّم أنّ اليقين بوجود المقتضي ـ بالكسر ـ ينزّل تعبّداً منزلة اليقين بوجود المقتضى ، وأنّ الشكّ في وجود المقتضى ـ بالفتح ـ لأجل الشكّ في وجود المانع يكون ناقضاً لذلك اليقين الادّعائي المتعلّق بالمقتضى ـ بالفتح ـ وحينئذ يكون عمدة ما يبطل هذا القول هو عدم الدليل على هذا التنزيل ، أعني تنزيل اليقين بالمقتضي ـ بالكسر ـ منزلة اليقين بالمقتضى ـ بالفتح ـ ، بخلاف تنزيل اليقين بوجود الشيء منزلة اليقين ببقائه ، لأنّ في تطبيق « لا تنقض » على مسألة الوضوء والطهارة من الخبث وعدم الركعة الرابعة كما تضمّنته صحاح زرارة دلالة واضحة على التنزيل المذكور ـ كما عرفت تقريبه ـ من ناحية إطلاق النقض