الاستطاعة مثلاً شرطاً في محرّكية الوجوب ، لا في أصل تحقّقه ولا في فعليته ـ لم يحتج فيه إلى تجشّم كون الشرط وجودها اللحاظي ، بل يكون الشرط هو وجودها الخارجي ، لكنّه ليس بشرط في أصل الوجوب ولا في فعليته ، بل في محرّكيته ، وكأنّه قد انقدح في ذهنه الشريف عملية الواجب المعلّق وطبّقها على الواجب المشروط.
وأمّا ما ذكره من عدم انقلاب الواجب المشروط عن كونه كذلك عند وجود الشرط ، فالظاهر أنّه لا دخل له بما نحن فيه ، فإنّ وجود الشرط وإن لم يكن موجباً للانقلاب ، إلاّ أنّه موجب لفعلية الوجوب ، لأنّ معنى الاشتراط هو كون الفعلية مشروطة بتحقّق الشرط خارجاً.
ثمّ إنّه بعد ذلك كلّه التزم بجريان الاستصحاب حتّى بناءً على مسلك المشهور من كون الشرط هو الوجود الخارجي ، وبنى المسألة على أنّ اليقين لو كان طريقاً إلى المتيقّن لامتنع الاستصحاب ، أمّا لو أُخذ اليقين موضوعاً لحرمة النقض ، فلا مانع من جريان الاستصحاب حتّى على مسلك المشهور ، فقال ما هذا لفظه : وذلك بدعوى أنّ اليقين بالملازمة في كلّ مقام مستتبع لليقين بوجود الشيء منوطاً بوجود الملزوم في فرضه ولحاظه ، ولذا يصحّ الإخبار عن وجوده كذلك جزميّاً مقروناً بألف حلف ، ويقال في الليل : لو كانت الشمس طالعة فالنهار موجود (١) ، ثمّ أخذ في دفع التوهّمات الواردة على ذلك.
ولا يخفى أنّ من يرى من نفسه أنّه قاطع بوجود النهار على تقدير طلوع الشمس ، عليه أن يحاسب نفسه ، فإن رأى أنّ تقدير طلوع الشمس مربوط بقطعه كانت النتيجة أنّه فعلاً غير قاطع بوجود النهار ، وإن رأى أنّ تقدير طلوع الشمس
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٤٠١.