مربوط بوجود النهار ، كانت النتيجة أنّه قاطع بربط وجود النهار بطلوع الشمس. وهكذا الإخبار ، فإنّ القاطع أو المخبر لو غالط نفسه بألف مغالطة لم يستطع أن يخرج عن أحد هذين الشقّين.
ثمّ إنّه قدسسره لمّا التزم بهذا الأخير أجراه حتّى في الموضوعات الخارجية التي يترتّب عليها أحكام شرعية ، ومثّل لذلك بمن كان عنده ماء مطلق ، فكان هذا مصداقاً لفاقد الماء إن تلف ذلك الماء الذي كان عنده ، وحينئذ يكون محكوماً عليه بالفاقدية التعليقية قطعاً ، ثمّ إنّه يجري في حقّه استصحاب هذه الفاقدية التعليقية لو كان قد وجد بعد ذلك ماء مشكوك الاطلاق والاضافة ، ثمّ إنّه إذا تلف منه ذلك الماء المطلق وجب عليه التيمّم بمقتضى استصحاب تلك الفاقدية التعليقية بعد المسامحة العرفية ، بدعوى إلغاء التفاوت بين ما سبق من كونه فاقد المشكوك وبين حالته من وجدانه لذلك المشكوك ، ثمّ قال بعد أن حكم باجراء استصحاب الفاقدية : فيترتّب عليه حكم الفقدان من صحّة تيمّمه بلا احتياج أيضاً إلى حديث رفع الواجدية كي يرد عليه بأنّه لا يثبت به التكليف لأنّه خلاف الامتنان ، ومع هذا الأصل أيضاً لا ينتهي النوبة إلى حكم العقل بالجمع بين الوظيفتين من جهة العلم الاجمالي كما لا يخفى (١).
والظاهر أنّ مراده من حديث رفع الواجدية هو إجراء أصالة البراءة في واجديته للماء القاضية بوجوب الوضوء ، فيكون خلاف الامتنان ، لقضائها حينئذ بوجوب التيمّم.
وفيه تأمّل ، لأنّ رفع وجوب الوضوء في الماء امتناني ، وإن كان التيمّم لازماً لأجل الاحتياط القاضي بكلّ منهما ، وفيه نظر.
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٤٠٢ ـ ٤٠٣.